لغز ليس بلغز ... هذا هو الهدف الحقيقي وراء تسميم طالبات إيران
الحرة
Thursday, April 21, 2022
وثقت حالات تسمم بين العديد من طالبات المدارس في إيران في ظروف غامضة، وبينما يتهم بعض الساسة "جماعات دينية متشددة" تعارض تعلم الفتيات في المدارس بكونها وراء الهجمات، يرجح آخرون أن يكون النظام في طهران، مسؤولا عنها كمحاولة منه لترويع الفتيات اللواتي كن جزءا أساسيا من المظاهرات التي اجتاحت البلاد.
ويرى محللون سياسيون إيرانيون معارضون أنه لا يوجد أي "غموض فيما يتعلق بهجمات تسميم الفتيات، إذ أن الأجهزة الأمنية الإيرانية هي من تقف خلفها بهدف معاقبة الإيرانيات على مشاركتهن في التظاهرات ضد طهران".
ومنذ نهاية نوفمبر، تتحدث وسائل الإعلام عن تسميم مئات الفتيات اللواتي لا تتجاوز أعمارهن عشرة أعوام في مدارس بوسط إيران، بعد أن استنشقن غازا مجهولا.
وأثارت القضية غضبا في البلاد، وندد البعض بصمت السلطات عن العدد المتزايد من المدارس التي شهدت هذه الظاهرة.
"عمل مدروس"
مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الإستراتيجية، حسن راضي، وصف تعرض فتيات وشابات إيرانيات للتسمم في بعض المدارس وحتى الجامعات بأنه "عمل مدروس من قبل الأجهزة الأمنية".
ويرجح راضي في حديث لموقع "الحرة" أنه "لا جهات متطرفة أو متشددة وراء هذه الهجمات سوى النظام الإيراني"، مشيرا إلى أنه "في حال كانت طهران تتهم جهات متشددة تعرفها لماذا لا تلقي القبض عليها وتوقفها عن هذه الممارسات".
وأعلنت السلطات الإيرانية إجراء تحقيق حول منشأ التسميم، لكنها لم تعلن اعتقال أحد إلى الآن بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وقالت وزارة الصحة الإيرانية إن "بعض الأفراد" يسعون عبر ذلك إلى "إغلاق كل المدارس، وخصوصا مدارس الفتيات".
وقال راضي إن "هذه الممارسات بدأ بها النظام منذ ثلاثة أشهر، حيث تعرضت أكثر من 1200 طالبة في أكثر من 60 مدرسة للتسمم في 10 محافظات"، وهو ما يدل على "أن هناك استهدافا ممنهجا للفتيات كنوع من العقاب لتمردهن على النظام في طهران ورفضهن ارتداء الحجاب وفق معايير لباس النساء الذي تحدده السلطات، ومشاركة العديد منهن في هتافات (الموت للديكتاتور)".
وقدرّت المتحدثة باسم لجنة الصحة البرلمانية، زهراء شيخي، الأربعاء، إصابة نحو 800 طالبة في مدينة قم منذ تسجيل أولى حالات التسمم عبر الجهاز التنفسي، في أواخر نوفمبر، و400 في بروجرد.
وقالت وزارة الصحة الإيرانية في تصريحات إن "بعض الأفراد" يسعون إلى "إغلاق كل المدارس، وخصوصا مدارس الفتيات"، وللقيام بذلك، يستخدمون "مركبات كيميائية متوفرة" في الأسواق، باستثناء المكونات "المخصصة للاستخدام العسكري".
وأظهرت نتائج فحوصات السموم التي توصلت اليها وزارة الصحة، ونقلها نائب، أن المادة السامة المستخدمة في قم تتكون بشكل خاص من غاز النيتروجين "N2"، المصنوع بشكل أساسي من النيتروجين والمستخدم في الصناعات والأسمدة الزراعية.
"معاقبة الفتيات والنساء"
وأكد راضي أن "طهران تحاول تحويل الانتباه عن مسؤوليتها عما يحدث بتوجيه الأنظار مرة نحو جماعات متشددة، ومرة بالقول إن المعارضة وراء الهجمات، وأخرى إنهم (المسؤولون عن الهجمات) أجهزة أمنية خارجية أو جهات إرهابية".
وأشار راضي إلى أن هذه الاتهامات التي تتردد على ألسنة المسؤولين الإيرانيين هدفها "إحاطة الموضوع بنوع من الغموض، وكأن الجهات الرسمية لا تعرف من وراء هذه الهجمات".
أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، صلاح أبو شريف الأحوازي، يتفق مع راضي، ويقول إنه "ليس هناك أي لغز وراء الهجمات التي تسببت في تسميم الفتيات، إذ أن أجهزة طهران الأمنية والاستخباراتية مسؤولة عنها بشكل مباشر".
وأوضح في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن "طهران تتبع الاستراتيجية ذاتها عند حصول الأزمات، فهي عادة ما تريد توجيه الأنظار بعيدا عن النظام، بمهاجمة الفتيات والشابات لينشغل الشعب الإيراني عما يحصل داخل البلاد".
ويشرح الأحوازي أن "النظام في طهران يريد معاقبة الفتيات والنساء على مشاركتهن في التظاهرات التي عمت البلاد منذ منتصف سبتمبر الماضي، إضافة إلى ترويعهن حتى لا يخرجن في التظاهرات المستمرة التي تشهدها البلاد".
وانتقد العديد من كبار رجال الدين والمشرعين والساسة الحكومة، لأنها لم توقف هجمات السم ولإعلانها أسبابا متناقضة. وحذر البعض من أن تفشي الإحباط لدى العائلات قد يشعل مزيدا من الاحتجاجات.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رجل الدين، طباطبایي بروجردی، قول:ه "يدلي المسؤولون بتصريحات متناقضة... أحدهم يقول إنها متعمدة، وآخر يقول إنها مرتبطة بالأمن، ومسؤول ثالث يلقي باللوم على أنظمة التدفئة في المدارس"، وأضاف "مثل هذه التصريحات تزيد من عدم ثقة الناس في المؤسسة".
وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، للصحفيين، الخميس، إن التقارير حول تسميم طالبات مدارس في إيران "مقلقة للغاية" وإن العالم يحتاج لأن يعرف السبب.
وحث المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، الأربعاء، إيران على التحقيق فيما يحصل.
وقال برايس: "رأينا التقارير المزعجة والمثيرة للقلق، لأن الفتيات والنساء في كل مكان لديهن الحق في التعليم، وهو حق إنساني عالمي، وهو حق يجدر على فتيات إيران ونسائها الحصول عليها، وفتيات أفغانستان ونساؤها، كما هو الحال بالنسبة لفتيات العالم ونسائه".
وفي عام 2014، تظاهر الناس في شوارع مدينة أصفهان بعد موجة هجمات باستخدام الأحماض بدا أن هدفها هو ترويع النساء اللائي ينتهكن قواعد الزي الإسلامي الصارمة في البلاد.
وكتبت السياسية الإصلاحية، أذر المنصوري، على تويتر "لو كانت هويات منفذي الهجمات بالأحماض قد تحددت وعوقبوا آنذاك لما تجرأت مجموعة من الرجعيين على فتياتنا البريئات في المدارس".
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها