فايننشال تايمز: منكوبو الزلزال في شمال سوريا تُركوا لمصيرهم ويجب الامتناع عن منح الأسد تنازلات مجانية
القدس العربي
Thursday, April 21, 2022
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعدته مراسلته رايا الحلبي، حول أوضاع السوريين في المناطق المنكوبة جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا. وقالت إن السوريين تُركوا للاعتماد على أنفسهم بعدما لم تحضر المساعدات الإنسانية.

وقالت الكاتبة إن علي العيد، أخرج نفسه من تحت ركام بيته المنهار بعد الزلزال الذي ضرب بلدته جنديرس، وانضم إلى الناجين في الشوارع الذين كانوا في حالة من الصدمة بانتظار وصول المساعدات الإنسانية.

وفي الأيام التي أعقبت الزلزال، نام هو وعائلته في الجو البارد خارج أنقاض ما كان مرة مسجدا، حيث كانت تلمع قطع من قبّته الذهبية بين الحطام. واستطاع لاحقا الحصول على خيمة وزّعتها المنظمات الخيرية المحلية، ويقول: “كان علي أن أدفع 150 دولارا ثمنا لها”. ودفع المال لرجل كان يخزن المواد الأساسية، وهو شعور عبّر عنه الكثيرون في بلدته التي تعيش حزنا بسبب الكارثة.

وقالت الصحيفة إن المجتمع الدولي رد بسرعة على كارثة 6 شباط/ فبراير، وأرسل مئات الملايين من الدولارات وفرق الإنقاذ المتخصصة إلى المناطق المنكوبة في جنوب تركيا والتي لا تبعد سوى ساعة واحدة بالسيارة عن جنديرس. وفي هذه المنطقة المنسية من سوريا، التي تسيطر عليها المعارضة، لم يصل أي دعم إلا بعد أسبوع تقريبا، وتُرك السكان للاعتماد على أنفسهم كما فعلوا طوال سنوات الحرب الأهلية منذ 12 عاما. وقال العيد: “كان علي معرفة ألا أحد قادم.. لم يحضر أحد أبدا”.

واعترف المنسق الدولي للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث بتقصير منظمته، ووعد بإصلاح الخلل. ولكن ليس من الواضح كيف سيتم ذلك، وعلى أي قاعدة. وستكون أية مساعدة متأخرة بعد تأكيد مقتل أكثر من 2274 شخصا. وكان الدعم الإنساني للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام محلا للتسييس من قبل النظام السوري وحليفته روسيا التي استخدمت الفيتو. ولم تعبّر الأمم المتحدة التي تعمل في مناطق النظام والمعارضة عن غضب إلا في نادرا، لأن هذا يعطيها حسب النقاد مكانا في مناطق النظام على حساب المحتاجين في شمال- غرب سوريا.

وفي جولة صحافية نظمتها الحكومة التركية للصحافيين في المنطقة التي تدعم فيها أنقرة حوالي 50 ألف مقاتل، قدمت صورة نادرة عن الدمار والأوضاع التي يعيشها سكان المنطقة المنكوبة. فالناجون تجمعوا في أي مكان يستطيعون العثور عليه، وسط الأنقاض أو في حقول الزيتون التي تنتشر في المنطقة. وحاول البعض الآخر الانضمام لأقاربهم في معسكرات الخيام التي يعيشون فيها منذ سنين.

ولا يزال الكثير منهم معفّرا بالغبار والتراب العالق في ملابس النوم منذ هروبهم من بيوتهم في 6 شباط/ فبراير. وقال محمد، المقاتل السابق في مدينة حمص: “ربما عوقبنا لنجاتنا من الحرب”. واقترض محمد 50 دولار لشراء ملابس له ولطفلته الرضيعة، وسأل قبل أن يواصل مشيه: “هل لديك حليب أطفال؟”.

ولم تصل المساعدات إلا بعد أربعة أيام من الزلزال بسبب تضرر الطرق من تركيا. وفي يوم الإثنين، أعلنت الأمم المتحدة عن موافقة النظام السوري على فتح معبرين آخرين لمرور المساعدات. وشجبت منظمات الدفاع المدني قرار الأمم المتحدة الذي اعتبرته بمثابة مكسب سياسي للأسد. وبالنسبة للمساعدات التي غادرت مناطق النظام، فقد أوقفتها هيئة تحرير الشام.

ولم يشمل الدعم من الأمم المتحدة على  إغاثة طارئة أو معدات. وشاهدت الصحيفة منظمات خيرية وهي توزع الخبز والشوربة والبطانيات عبر شاحنات جاءت من كردستان العراق، كما بدأت المساعدات تصل من السعودية وقطر. وأرسلت لجنة الطوارئ والكوارث التركية مساعدات، لكن الأتراك كانوا مشغولين بوضعهم.

ولدى تركيا حضور كبير في شمال- غرب سوريا، وقامت أنقرة منذ 2016 بسلسلة من العمليات العسكرية التي تحولت إلى مهمة لامست كل مجالات الحياة في المنطقة، مدنية وأمنية، حيث كان الحضور التركي واضحا، لكن السكان يشتكون من عدم الاستقرار بسبب استمرار الخلافات بين الفصائل وحمل السلاح من شباب لا يعرفون كيفية استخدامه.

ويحصل المقاتلون على 50 دولارا في الشهر من تركيا وهو مبلغ ليس كافيا، و”في الوقت نفسه وبدون تركيا، فالوضع ربما يكون أسوأ”. وقال مقاتل آخر: “تركنا هنا لنتعفن إلى جانب جثث الموتى” وسط حالة من الفوضى وعدم وصول الدعم الإنساني.

ورأت كيم غطاس في مقال بنفس الصحيفة، أن الدعم الإنساني يجب ألا يكون ورقة عبور مجانية للأسد.

وقالت إن بشار الأسد قام وزوجته أسماء بجولة في مناطق حلب المنكوبة وزار الضحايا، وهو نفسه الذي قام في الصيف الماضي بجولة انتصار في المدينة التي لعبت قواته دورا في تدميرها. ورأت أن الأسد الذي ظل منبوذا طوال العقد الماضي، لديه ما يدعوه للثقة، فقد تلقى التعازي من حليفته روسيا وكذا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. كما وصل وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى دمشق للمرة الثالثة، بعدما كسر الجليد أول مرة في 2021.

وعاد المسؤولون السوريون للظهور في الإعلام الدولي، وطالبوا برفع العقوبات التي قالوا إنها تعرقل الإغاثة، مع أن هذه العقوبات تحتوي على استثناءات إنسانية وتشرف عليها الأمم المتحدة. وهبطت أكثر من 60 طائرة إغاثة في مناطق النظام بما في فيها حلب، وجاءت من الدول الصديقة مثل إيران، وغير الصديقة، والإمارات والجزائر. وأرسلت السعودية التي ترددت في إعادة التواصل مع الأسد، طائرة مساعدات محملة بـ35 طنا إلى حلب.

وتقول الكاتبة إنه يجب استخدام المساعدات لدعم المنكوبين في مناطق النظام والمعارضة، لكن يجب ألا تكون وسيلة للترحيب بالأسد وعودته للمجتمع الدولي؛ لأن مكافأة الإفلات من العقاب ستوّلد عدم الاستقرار. واتسمت سياسة الولايات المتحدة منذ تراجع باراك أوباما عن معاقبة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية، بمعالجة الجرح السوري بالكيّ. فالإطاحة بالأسد مكلفة، وكذا سحب القوات الأمريكية من شمال- شرق سوريا، سيعطي الأسد انتصارا. ولهذا تم قبول الوضع الراهن الكارثي على السوريين من الجميع، بعد أن تراجعت وتيرة الحرب وموجات اللاجئين نحو أوروبا واحتواء الخطر الإرهابي. ولا يوجد هناك تغير في السياسة الأمريكية من الأسد، باستثناء تقديم المساعدات الإنسانية وتخفيف بعض العقوبات.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية: “الوقت ليس وقت استخدام النظام الكارثة لصالحه”، وهذا ما يقوم به النظام السوري وحليفتاه إيران وروسيا. وسينتفع النظام السوري من المساعدات الدولية كما فعل الماضي.

وكشفت التحقيقات أن النظام يحاول الظهور بمظهر من يقدم تنازلات لمرور المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة عبر فتح معبرين آخرين.

وأشارت الكاتبة إلى اعتماد جورج هيربرت بوش عام 1990 على نظام حافظ الأسد لإخراج صدام حسين من الكويت، ضمن تحالف دولي، مقابل السكوت على وجود سوريا في لبنان، مع أنها كانت طرفا في الحرب الأهلية هناك، حيث دفع اللبنانيون ثمنا باهظا.

وتعتقد غطاس أن دعوات الأردن والإمارات  للتعامل مع الأسد بعد 12 عاما من العزلة التي لم تنتج شيئا، ليست مخطئة. ولكن أي تعامل يجب ألّا يمنح الأسد تنازلات بدون مقابل. وأي تنازل سيتم عكسه لو لم يدفع الأسد الثمن الباهظ جراء ما فعله بالسوريين.

Thursday, February 16, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top