رغم الانتكاسات على الجبهة.. كيف استغل بوتين الغزو لتعزيز هيمنته في الداخل؟
الحرة
Thursday, April 21, 2022
بينما يجمع تلاميذ المدارس العلب الفارغة لصنع الشموع للجنود الروس في الخنادق في أوكرانيا، يتعلمون في فصل أسبوعي جديد أن الجيش الروسي حرّر البشرية دائما من "المعتدين الذين يسعون للهيمنة على العالم".

فبالرغم من أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين عانى من انتكاسات على الجبهة خلال عامه الأول من الحرب التي تقترب ذكراها السنوية الأولى، إذ لم يحقق هدفه المتمثل في السيطرة على أوكرانيا، فإنه استغل هذا الوقت والمعارك للذهاب إلى أبعد مما كان يعتقد كثيرون أنه ممكن في إعادة تشكيل روسيا على الصورة التي يريدها، بحسب تحليل لصحيفة "نيويورك تايمز".

وخلال هذا العام، استطاع بوتين أن يسرب أفكاره عن "مؤامرات" تحاك في بلاده، إلى أعماق الحياة الروسية بعد عام من الحرب، ما جعل الزعيم الروسي أكثر هيمنة من أي وقت مضى، مع تغيير للقوانين ودس أفكاره من خلال القطاعات التعليمية والثقافية والإعلامية.

فالمتاحف والمسارح، التي طالما كانت جزرا للحرية الفنية خلال حملات القمع السابقة، لم يعد لها مكان، حيث تم محو آثار فنانيها المعارضين للحرب.

وتقدم الدولة أعمالا جديدة تحمل ألقابا مثل "الناتوسيزم" تسعى إلى تصوير التحالف العسكري الغربي "الناتو" على أنه يشكل تهديدا وجوديا مثل النازيين في الحرب العالمية الثانية.

وواجهت العديد من الجماعات والمنظمات الحقوقية التي ظهرت في السنوات الثلاثين الأولى من روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي حملة قمع، بينما احتلت الجماعات القومية التي كانت تعتبر ذات يوم هامشية مركز الصدارة.

ويعبر رجل الأعمال الروسي المحافظ، كونستانتين مالوفييف، عن التغيير الذي أحدثته الحرب في المجتمع، متفاخرا بأن "الليبرالية في روسيا ماتت إلى الأبد، ولله الحمد".

ونقلت الصحيفة عن مالوفييف بأنه "كلما طال أمد هذه الحرب، زاد المجتمع الروسي من تطهير نفسه من الليبرالية والسم الغربي".

واعتبر أن استمرار الغزو لمدة عام جعل التحول في روسيا أعمق بكثير مما كان سيحدث لو تحققت آمال بوتين في تحقيق نصر سريع، "لو نجحت الحرب الخاطفة، لما تغير شيء".

سعى الكرملين لسنوات لإبقاء مالوفييف بعيدا، حتى عندما قام بتمويل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.

وأصبحت دعوات مالوفييف التي كانت موجودة قبل الحرب، بضرورة تحويل روسيا لتصبح إمبراطورية ذات "قيم تقليدية"، خالية من النفوذ الغربي، هي السائدة الآن، حيث حوّل بوتين "القيم التقليدية" إلى صيحة وواقع من خلال التوقيع على قانون جديد مناهض للمثليين، بينما ينصب نفسه على أنه بطرس الأكبر يستعيد الأراضي الروسية المفقودة.

وأصبحت الحملة الوطنية التي تحث الأطفال على صنع الشموع للجنود شائعة للغاية، حتى أن أي شخص ينتقد استخدام طلاب المدارس على الانخراط في أفكار الحرب، في مجموعات الدردشة المدرسية قد يوصف بأنه "نازي" أو "شريك للغرب".

ويقدر المسؤولون الغربيون أن ما لا يقل عن 200 ألف روسي قتلوا أو جرحوا في أوكرانيا، وهي حصيلة أكثر خطورة بكثير مما توقعه المحللون عندما بدأت الحرب.

ومع ذلك، فقد عانى الاقتصاد بشكل أقل بكثير مما توقعه المحللون، حيث فشلت العقوبات الغربية في الحد بشكل كبير من جودة حياة الروس العاديين حتى مع مغادرة العديد من العلامات التجارية الغربية.

في عدد من خطاباته التي تهدف إلى تعزيز الدعم المحلي لحربه على أوكرانيا، وصف بوتين الغزو بأنه "حرب شبه مقدسة لهوية روسيا ذاتها"، معبرا عن أنها كانت "تقاتل لمنع المعايير الجنسانية الليبرالية وقبول المثلية الجنسية من فرضها عليها من قبل الغرب العدواني".

أصبحت خطابات بوتين هي السائدة في القنوات التلفزيونية التي أصبحت السلطات تسيطر عليها. وتم تقليص البرامج الترفيهية لصالح مزيد من الأخبار والبرامج الحوارية السياسية؛ ولاحقت الشرطة العديد من النشطاء بسبب منشورات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي المناهضة للحرب، وتم توجيه المدارس لإضافة مراسم رفع العلم بانتظام، ومناهج التربية الوطنية.

وبينما كان المئات من الطلاب في زيارة لاستوديو "تلفزيون النصر"، سار أطفال المدارس الابتدائية بقبعات الجيش الأخضر ويتم مناداتهم بلقب "جنود"، ليتم توجيههم كأنهم في صف عسكري "يسار، يسار، واحد، اثنان، ثلاثة".

وصف سيرغي تشيرنيشوف، أحد رؤساء المدارس الروسية القلائل الذين تحدثوا علنا ضد الحرب، رواية الحكومة بأن الجنود الروس يقاتلون دفاعا عن أمتهم بأنها "سهلة الهضم، لدرجة أن كثيرين من الناس أصبحوا يصدقونها بالفعل، خاصة عندما يتم دمج الرسالة بسلاسة مع أحد أكثر الفصول إثارة للذكريات العاطفية في التاريخ الروسي، وهو انتصار أمتهم في الحرب العالمية الثانية".

وقال تشيرنيشوف، الذي يدير مدرسة ثانوية خاصة في مدينة نوفوسيبيرسك السيبيرية، في مقابلة عبر الهاتف: "لقد خرج المجتمع بشكل عام عن القضبان، لقد قلبوا أفكار الخير والشر."

Monday, February 20, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top