هل يتّجه لبنان لـ «السير على الجَمْر» تحميةً لحلّ رئاسي «قيصري»؟
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
استعاد لبنان سريعاً مناخاتِ التسخين المالي - النقدي - المصرفي على وهج دخول الأزمة الرئاسية مرحلةً أقسى من «عضّ الأصابع» التي دشّنها خروج «حزب الله» من «المنطقة الرمادية» التي جعلتْه يرجئ طوال الأشهر الخمسة الماضية «القرار المتَّخَذ» عن سابق «تصوُّر وتصميم» بخوض السباق الرئاسي بمرشّح «من الخط» ويشكّل امتداداً لمشروعه «بالأصالة وليس بالوكالة».

وفيما كان خصوم «حزب الله» في المعارضة، وحليفه السابق «التيار الوطني الحر»، يقوّمان الخطوة التالية لكل منهما في ضوء «خلْط الأوراق» الذي أحْدثه تبنّي «حزب الله» بعد الرئيس نبيه بري دعْم فرنجية، وإن كان هذا الأمر متوقَّعاً واختار له الثنائي الشيعي «الزمان والمكان» المناسبيْن، باغتت المشهد الداخلي «عاصفةٌ» هبّت من الجبهة المصرفية والنقدية التي «عادت إلى قواعدها الملتهبة» بعد أسبوعٍ على تدخُّل مصرف لبنان الذي «أخَّر» موقتاً عبر عرْضه العملة الخضراء نقداً للأفراد والشركات عبر منصة «صيرفة» على سعر 70 ألف ليرة بلوغَ الدولار الأسود «مئويته الأولى» (مئة ألف ليرة) التي كان يطرق بابها.

ومرة جديدة اهتزّت الأرض من تحت أقدام الواقع السياسي الذي انشدّ إلى «تحليق» الدولار المفاجئ في السوق السوداء قافزاً في أقلّ من 6 ساعات من نحو 80 ألف ليرة كان قد «ثبت» عليها منذ الخميس الماضي إلى 90 ألفاً، وسط مؤشراتٍ إلى أن هذا الانفلات مرشّح للمضيّ نحو موجاتٍ من الانهياراتِ القياسيةِ المتواليةِ لليرة لِما فوق الـ مئة ألف وربما 120 ألفاً، ربْطاً بأمرين:

الأول استمرار الانسداد الرئاسي والاقتناع بأن أي مَخْرَجٍ لن يكون إلا «قيصرياً» ووفق مسارٍ لا يمكن الجزم بمقدّماته وقد يقتضي «السير على الجمر» المالي - المعيشي وربما الأمني وسط مخاوف من التحريك المريب لواقع المخيمات الفلسطينية ولا سيما عين الحلوة في صيدا.

والثاني حيثيات مصرفية - نقدية ارتسمت أمس وتشكّل في ذاتها صاعقاً للانفجار الكبير الذي يُخشى أنه لم يعُد إلا مسألة وقت.

وجاء عَصْفُ الرياح الساخنة النقدية والذي بدا بمثابة إعلان انتهاء «مفاعيل» إبرة التخدير التي يُخشى أن تكون الأخيرة لمصرف لبنان في الجسم المالي - المصرفي المتهالك، فيما لم تكن بيروت بعد أكملتْ فرْك عينيْها لتستفيق على أجواء عكستْ أن إعطاءَ السيد حسن نصرالله «الضوء الأخضر» لجعْل فرنجية «مرشح المواجهة» رسمياً استدرجَ «جبهة رفْض» تقاطعتْ فيها مكوّنات المعارضة (بما في ذلك تكتلات سنية من مستقلّين وقدامى المستقبل أطلقت إشارة عدم تأييد لفرنجية وإن مع عدم دعْم مقاطعة الجلسات) مع «التيار الحر» من دون أن تكون الأولى التقت بعد على «نعم» واحدة لمرشّح «التوازن السلبي»، ولا خَرَجَ التيار من دائرة التردّد بتسمية مَن يريده بعدما جاهر بمَن لا يؤيده (فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون).

وأتت أول الإشارات الصباحية «المخيفة» نقدياً مع وثبةٍ للدولار بنحو ألفي ليرة، على وقع إبلاغ بعض المصارف إلى عملائها فجأة أنها أوقفت عمليات «صيرفة» التي كان يجري بموجبها إيداع مبالغ بالليرة (وفق سقوف تتفاوت بين مصرف وآخر ولكن المركزي حدد سقفها الأعلى المسموح، في قراره غير الملزم، بمليار ليرة للأفراد و10 مليارات للشركات شهرياً) لتحويلها إلى الدولار على سعر 70 الفاً، كما أنها علّقت تنفيذ العمليات التي سبق أن حصلتْ في الأيام الأخيرة.

وتوالى «جنون» الدولار على مدار الساعة، في ظلّ أجواء تواترت عن إمكان عودة المصارف إلى إضرابها الجزئي المفتوح ابتداء من الثلاثاء المقبل (لإفساح المجال أمام إتمام معاملات «صيرفة» الأخيرة يومي الجمعة والاثنين)، قبل أن يتجاوز الدولار الأسود 90 ألفاً قرابة الخامسة عصراً في أعقاب تأكيد جمعية المصارف قرار الإضراب بدءاً من 14 الجاري.

وجاء قرار المصارف بعدما أصدر رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكّي، بناءً على حكم سابق لقاضي الأمور المستعجلة في بيروت كارلا شواح، قراراً بدفْع بنك «ميد» وديعة بالدولار النقدي لمودعٍ وإلّا ختم المصرف بالشمع الأحمر.

وذكّرت جمعية المصارف بـ «بياناتها السابقة التي لفتت الى وجوب تصحيح الخلل في بعض القرارات القضائية التعسفية في حقها»، وبأنها «إزاء ما رأت فيه خطوة أولى في الاتجاه الصحيح من حضرة المدعي العام التمييزي (كفّ يد القاضية غادة عون التي ادّعت على مصرفين بتبييض الأموال)، أعربت عن إيجابيتها الحذرة آملة ان تتبعها خطوات أخرى بنفس الاتجاه، تستعيد فيها القرارات القضائية ما عرف عنها سابقا من عدالة وكفاءة وحياد ومساواة».

وأشارت إلى أنه «صدرت خلال الأيام القليلة الماضية قرارات قضائية تعسفية جديدة، عادت تكيل بمكيالين، فتلزم المصارف بقبول تسديد الديون العائدة لها بالعملة الأجنبية بذمة المقترضين بشيك مسحوب على مصرف لبنان أو بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف 1500 ليرة للدولار الواحد فيما تلزم المصارف بتسديد او بتحويل الودائع بالعملة الأجنبية نقداً وبنفس العملة ولصالح بعض المودعين على حساب المودعين الآخرين».

وفي حين اعتبرت «أن مثل هذه القرارات القضائية التعسفية ألزمت المصارف التي كانت قد أقرضت للقطاع الخاص بتاريخ 17 /10 /2019 نحو الأربعين مليار دولار، ان تقبض أكثر من ثلاثين مليار دولار بموجب شيكات مسحوبة على مصرف لبنان أو بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف قدره 1500 ل.ل، ولم تدرك القرارات القضائية أنها بذلك تقلص من فرص المودعين باستعادة ودائعهم بالعملات الاجنبية، بل وتقضي عليها»، قالت: «ان المصارف لم تترك وسيلة قضائية للمطالبة بتصحيح الخلل إلا وسلكتها، انما دون جدوى. بل على العكس، فان بعض القرارات القضائية الانتقامية زادت وزادت من خطورتها، وقد وصلت الى حد الحجز على موجودات المصارف، ناهيك عن التدابير الجائرة في حق القيمين عليه، حيث تنعكس القرارت المتهورة والمعلومات المسربة سلبا في الداخل والخارج عن المودعين بالدرجة الأولى».

وما زاد من وطأة الارتجاج المصرفي - النقدي بنسخته التي تشي بأن تكون «الأشرس» أنه أتى غداة الموقف البارز للأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف الذي حَسَمَ أن «لا سيولة لدى المصارف» وأن «رصيد ودائع البنوك اللبنانية لدى البنوك المُراسِلة في الخارج سلبي بواقع 204 ملايين دولار» مفنّداً كيفية توزُّع توظيفات سيولة المصارف و«تَبَخُّرها» ضمناً، وناعياً في شكل غير مباشر جدوى مطالبة المساهمين في البنوك بإعادة رسملة مصارفهم من أموالهم الخاصة وداعياً في هذا السياق «الجهات التشريعية والرقابية لدرس الإمكانات المتاحة لكل مصرف على حدة وهذا ما يُتَوَقع أن تقوم به لجنة الرقابة على المصارف والهيئة المصرفية العليا، ضمن مشروع إعادة الهيكلة».

ولم يكن ينقص واقع الارتباك المالي الكبير إلا موقف لم يقلّ إثارة للذعر أطلقه رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب الذي كشف عن «نقاش جدي بين المصارف لإعلان الإفلاس، وهذا يعني انهياراً كبيراً»، لافتاً إلى أنّ «المطلوب تدخلا عاجلا وتحمل الدولة لمسؤوليتها عن ديْنها، قبل إعلان الخراب الشامل. تحذير علّ هناك من يسمع».

في موازاة ذلك، كان الملف الرئاسي على تمترسه، وسط تأكيد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع انّ «الفريق الممانع لن يستطيع تأمين النصاب لانتخاب مرشحه.. والمضي بمرشح حزب الله يعني انّ درب الجلجلة طويل الأمد، ومواجهتنا ستكون سياسية دستورية»، معتبراً أنّ «حزب الله يخشى أي رئيس آخر غير فرنجية، فوضع الحزب ضعيف لأنه لا يثق بمرشح سوى فرنجية».

وفي أول كلام بعد ترشيحه من الثنائي الشيعي، اختار رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، مناسبة تلبيته دعوة رئيس دير مار جرجس - عشاش (قضاء زغرتا) الأب كليم التوني الى الغداء، لإطلاق سلسلة من المواقف المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي.

واعتبر ان الكنيسة المارونية «ضمير الموارنة، وعلى الذاكرة المسيحية ان تكون كاملة وترى الأمور كما هي على واقعيتها، فبالأمس كانت مقاطعة جلسة النواب خطيئة مميتة وضد الدستور عند البعض، اما هذا البعض فإنه اليوم يعتبر هذه المقاطعة حقاً».

وأشار الى «أن المسيحيين يتفقون على السيئ وليس على الإيجابي، وحبذا لو يتفقوا لمرة واحدة على الإيجابي وليكن الدستور هو الضمان، أما اذا كانوا لا يريدون الدستور فلتكن لديهم الجرأة للمطالبة بتعديله. ولكن أن نكون مع الدستور عندما يناسبنا ونكون ضده اذا انتفت مصلحتنا، فهذا لا يجوز».

ورأى «أن علينا ان نطبق الدستور بالانتخابات الرئاسية، وبعدم تطبيقه نكون كمجلس ملة بحيث تتفق الاحزاب المسيحية الاربعة على رئيس، وعندها لا لزوم للانتخابات فهل هذا ما يريدونه؟». وأكد انه لانتخاب الرئيس «يجب أن يتوافر حضور ثلثي المجلس، ما يعني ضرورة حضور نصف عدد النواب المسيحيين للجلسة، وهذا يؤمن الميثاقية».

Friday, March 10, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top