صحيفة «الراي» تضيء على موقف الرباعي الإقليمي - الدولي من «الاستحقاق الأزمة
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
يُشْبِهُ المشهدُ الرئاسي في لبنان مرحلةَ عام 2014 التي أعقبت خروج الرئيس ميشال سليمان من قصر بعبدا، أكثر مما يشبه حقبةَ خروج العماد إميل لحود (2007) الذي شكّل أولَ مواجهةٍ سياسية - رئاسية مباشرة بين قوى 8 و14 مارس.

ولبنان الذي لا يزال في الأشهر الأولى من الشغور الرئاسي الذي بدأ في 1 نوفمبر الماضي مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون من دون انتخاب خلَفٍ له، يترقّب بحذرٍ ما يمكن أن يَنْتج عن الإحاطة الخارجية بالاستحقاق الرئاسي، والتي تبدو أقلّ من المتوقَّع.

والفارقُ بين 2014 واليوم داخلياً هو الانهيار المالي الذي ضَرب لبنان بحيث لم يُعد بيئةً صالحةً للاستقرار الأمني القابل لأن «تنخره» اهتزازاتٌ من بوابة الاختناقات المعيشية وما تُحْدِثُه من تحوّلات اجتماعية على طول خطوط الفقر وعرضها.

ولعل هذا العامل الأساسي كان يُفترض أن يشكّل في ذاته دفعاً للقوى الخارجية كي تواكب الاستحقاقَ الانتخابي بأهميةٍ توازي ما حصل في الدوحة مثلاً لجهة رعاية اتفاقٍ أخرج تسويةً رئاسيةً بانتخاب الرئيس ميشال سليمان. لكن ما يحصل هو العكس حتى الساعة، إذ إن المَشهد مُغايِر تماماً.

وفي الصورة العامة 4 أطراف تتعامل مبدئياً مع الانتخابات الرئاسية: الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وإيران. ولكلٍّ منها صورة مختلفة عن تلك التي ترسمها الدولة الأخرى في نظرتها إلى لبنان.

حين أُبرم اتفاق الدوحة الذي مهّد الطريق لانتخاب قائد الجيش آنذاك العماد سليمان ارتكازاً على تسوية سياسية، جاء ذلك بضمانةٍ عربية وغربية ولم يكن بعد خَفَتَ وهج تعرُّض قوى 14 مارس وخصوصاً «تيار المستقبل» لخضّة أمنية - سياسية شكلتْها أحداث السابع من مايو 2008 حين نفّذ «حزب الله» عملية عسكرية في بيروت وحاول اقتحام الجبل.

لكن الدول التي رعت تسوية 2008 ترى من الصعوبة أن يتكرّر المشهد نفسه اليوم، لاختلاف العوامل المحلية والشخصيات المرشَّحة للرئاسة.

تَظْهر فرنسا الأكثر حماسة لإجراء الانتخابات الرئاسية، انطلاقاً من تكريس دورها المحوري كعرّاب لاتفاقاتٍ حوارية وتسوياتٍ رئاسية كما جرى في انتخاب الرئيس عون وقبْله مشاورات الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية (في مرحلة فراغ 2014)، كما كانت حالُها في اتفاق الدوحة.

وتسعى باريس منذ التحضير للقاء الخُماسي لديها (ضمّ ممثلين للسعودية والولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر)، لأن تُشْرِف على انتخاباتٍ رئاسية في ظل إدارة الرئيس ايمانويل ماكرون الذي خسر جولةَ مفاوضاتٍ بعد انفجارِ المرفأ (اغسطس 2020) لتشكيل الحكومة.

لا أن فرنسا لا تزال تتعاطى مع المرشّحين الأكثر حضوراً، أي قائد الجيش العماد جوزف عون وسليمان فرنجية، على قدم المساواة، ولا ترجّح أحدهما على الآخَر، ولا تزكي أحدهما وإن كان سَبق أن دعمتْ تسوية الحريري - فرنجية إبان عهد الرئيس فرنسوا هولاند.

لكن ظروفَ اليوم مختلفة، بعدما أصبح زعيم «المردة» مرشح طرفٍ لا مرشّح تسوية تَوافُقية مع الحريري.

وهي لا تختار رئيساً لتسويقه، لكنها تريد أن تتفاهَم مع الآخرين على تزكيةِ أحد المرشحين من دون أن تتخطى لائحة مرشّحين سبق أن تعاطتْ معهم بصفتهم أقرب الى سياستها في لبنان، كي يكونوا مرشّحي تسويةٍ توافقية.

من جهتها تتصرّف واشنطن على أنها مؤيِّدة لتسويةٍ وفاقية من دون مرشح من قوى 8 مارس.

ومع ذلك فهي لا تُبْدي اهتماماً يُترجم خطوات عملانية في تزكية أي اسم والدفْع في اتجاه الانتخابات الرئاسية.

وفي الصورة العامة يُنسب لها أنها ترشّح قائد الجيش لأن علاقته بها قوية ومستمدّة من كون الجيش على صلاتٍ جيدة مع دوائر النفوذ الأميركي ولا سيما في ظل المساعدات التي تغدقها عليه. إلا أن أي مرشّح رئاسي سيكون حُكْماً في حاجة إلى النفوذ الأميركي، ولذا تتصرّف الولايات المتحدة مع أي مرشح على أنه سيكون محتاجاً إلى صداقتها.

لم تحسم واشنطن خيارَها في شأن الانتخابات، قبل أن يصل الأمر إلى الاسم الذي ستدعمه.

والكلام الذي نَسَبه الرئيس نبيه بري إلى السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن التعامل مع فرنجية إذا انتخُب رئيساً، يعكس الواقعيةَ التي تنتهجها واشنطن في ابتعادها عن الملف الرئاسي، لأنها لم تقرّر بعد مصير الانتخابات الرئاسية حتى تَحسم الاسم الذي ستؤيّده.

أما السعودية، فمنصرفة كلياً عن لبنان. وقد يكون ذلك أوضح موقف من بين الدول الأربع.

ورغم ذلك يريد القادة في لبنان ظل انقسامهم بين معسكريْن أن تكون الرياض موجودةً بقوة على طاولة الرئاسيات، وكل طرفٍ لغاية مختلفة عن الآخَر.

والسعودية تنأى عن التدخل بعدما وصلت الرسالة إلى الجميع بأن اللبنانيين يعلمون ما الذي عليهم أن يفعلوه كي يساعدوا أنفسهم أولاً ويستعيدوا ثقةَ الخارج بدولتهم وتالياً مظلةَ الدعم السياسي والمالي.

هكذا كانت المملكة في لقاء باريس وقبْله، وهكذا بقيتْ بعده، ما يجعل من المتعذّر الكلام عن تسوية حالية.

وتشير المعطيات إلى أن لا علاقة للرياض بأي مقايضات يُحكى عنها بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولا بأي أسماء تُطرح ويجري تسويقُها على أنها مدعومة سعودياً، حيث يلفت عارفون إلى أن هذا ليس إلا من باب الارتجال اللبناني لا أكثر. وإذا كان موقف السعودية واضحاً من عدم الاهتمام بالرئاسة، فإن لديها موقفاً واضحاً آخَر يتمثل في رفْضها التام أي مرشّح لقوى 8 مارس ولحزب الله، وهذا الموقف لا يحمل أي التباس ولا يحتمل أي تأويلات.

وفي المقلب الآخَر، إيران غائبة حتى الآن عن الملف الرئاسي حتى في إطار المقايضة أو الدعم العلني لمرشح الثنائي الشيعي.

ومنذ أن حلّت طهران محلّ سورية في رعاية الملف اللبناني، والرئاسة بندٌ أساسي فيه، كما حصل في دعْمها تسويةَ وصول العماد ميشال عون في 2016.

والتكهّن الأول بإزاء الموقف الايراني يتعلّق بالتسوية المفترَضة إقليمياً ولبنان من ضمنها حتى تنضج الطبخة الرئاسية. وما عدا ذلك، يختار الثنائي الشيعي مرشّحه (فرنجية) ويخوض المعركة الرئاسية به، من دون أن يعلن المرشّح نفسه ترشيحَه ولا تؤيّده ايران علناً.

لكن الثمن لن يكون لبنانياً فحسب، بل تريد طهران قبضَ الثمن من باريس التي كانت على علاقة جيدة معها قبل أن تنفجر بينهما منذ التظاهرات الإيرانية الأخيرة، ومن واشنطن في إطار الملف النووي والعقوبات.

وطهران حتى الآن لم تقارب الملف الرئاسي من باب التشجيع على انتخاب حليف لها، وهذا من المسلَّمات.

فما تريده هو البُعد الذي تفرضه الانتخابات محلياً وخارجياً، إذ حينها يكون لدورها معنى آخَر، غير الترحيب بمرشّح يأتي بكباش داخلي يعكس صراعاً إقليمياً، لأن في ذلك معركة من الصعب تَجاوُز ارتدادتها.

«كيديةٌ وذهنيةٌ ميليشيوية... ألغامٌ على طريق انتخاب رئيس»

الراعي: الجماعة السياسية في لبنان بلا مسؤولية وتُبيد الخير العام

أنّب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «الجماعة السياسية في لبنان الخالية من أي مسؤولية والتي تمارس السياسة من أجل مصالحها الخاصة والفئوية فقط، بل تبيد الخير العام غير آبهة بالشعب».

وقال الراعي في عظة الأحد: «من المؤلم حقاً غياب رجال دولة عندنا، والبرهان أن لا أحد من السياسيين والأحزاب أو الكتل النيابية، يقدم مشروعاً واحداً جدياً لانهاض لبنان من انهياره الكامل. فإن تَكَلَّمَ بعضهم فاهوا بالكيدية والحقد والذهنية الميليشيوية والإساءة الشخصية وبث سم التفرقة والانقسامات والعداوة، الأمر الذي يزرع الأشواك والألغام على طريق انتخاب رئيس للجمهورية».

وإذ انتقد «نزيفَ خزينة الدولة من مالها العام، بالسرقات والهدر وغياب المحاسبة (...) ووقف أجهزة المراقبة إهمالاً وربما تواطؤاً، وعدم السيطرة على الجمارك في المرافئ البحرية، والمطار، ولا وقف التهريب بضبط الحدود خروجاً ودخولاً»، تطرق إلى «نزيف المؤسسات الدستورية من فاعليتها، إذ بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، يتوقف المجلس النيابي عن صلاحية التشريع، وحكومة تصريف الأعمال عن صلاحية إصدار القرارات التنفيذية وإجراء التعيينات في الإدارات العامة، فتتعطل مسيرة الدولة، ويتحكّم بها النافذون والمتمرّدون والمدعومون، ويستبيح السياسيون التدخل في الإدارة والقضاء، وتسود الفوضى ويمارَس الظلم والاستبداد من هذا وذاك من المسؤولين، ومن وزير تجاه المدير العام لأغراض مذهبية وطائفية وحزبية، متجاوزا هكذا إطار صلاحياته».

وختم الراعي: «يتعثر انتخاب رئيس للجمهورية، لأنه، وبكل أسف يدور الخلاف حول انتمائه إما لفئة الممانعة، كما يسمى، وإما لفئة السيادة. والحل الوحيد هو بالخروج من هذه المعادلة، والعمل من الشعب على انتخاب رئيس وطني متحرَّر من كل ارتباط وانحياز وفئة ومحور. هذا الرئيس الذي يحتاجه لبنان كي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كل الدول في الخارج، ويتمكن هذا الرئيس من قيادة الاصلاحات اللازمة من أجل نيل المساعدات الدولية والإقليمية.

وهذه أولوية الأولويات والضرورات التي يذكّر بها النائبان المعتصمان في المجلس النيابي زملاءهما النواب منذ ثلاثين يوماً. أما السعي إلى تمديد الشغور الرئاسي من أجل أهداف مبطّنة منافية للهوية اللبنانية، فهو الإمعان في تكبير حجم الجريمة: بهدم مؤسسات الدولة، واضطهاد المواطنين بإفقارهم وتهجيرهم من وطنهم».

دعا لإدارةِ الملف بلا رهانٍ على «سَراب مُساعَدة خارجية»

«حزب الله» يرفض رئيساً يأتي على «دبابة الجوع»

أكّد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، أنّ «أولويتنا تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية من أجل أن نوقف الانهيار وننقذ البلد، ولكن أولوية فريق التحدي والمواجهة أخْذ البلد إلى مغامرةٍ جديدة للانقلاب على التوازنات السياسية الداخلية، وتغيير هوية لبنان وموقعه ودوره في المنطقة».

وشدّد قاووق على أنّ «الرهان على مساعدة خارجية هو رهانٌ على سراب، لأن هناك دولاً مع أميركا تضع فيتو على أي مساعدة خارجية للبنان، وهذا يفرض علينا أن نعتمد على أنفسنا في إنقاذ بلدنا، ولا يمكن إنقاذ البلد بالكيديات وتصفية الحسابات».

وأشار إلى أنّ «جماعة التحدي والمواجهة تريد انتخاب رئيس منصة للانقضاض على الثوابت الوطنية لتصفية الحسابات السياسية، ولكن موقف حزب الله واضح، حيث إننا لسنا في موقف ضعيف ولسنا في العام 1982 حتى يَأتي رئيس على ظهر دبابة أو يأتي رئيس بضغط الجوع والأزمة الاقتصادية والاجتماعية».

ولفت إلى أن «المستجدات الأخيرة عزّزت فرص التوافق والأصوات الداعمة للتوافق، وهناك أصواتٌ دولية ونواب وأحزاب وقوى في لبنان غيّرت موقفها لمصلحة مشروع التوافق، لأنهم أدركوا أن المخرج الوحيد للأزمة هو بالحوار، وهذا ما فجّر غضب التعطيليين وجعلهم يصرخون».

Monday, March 06, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top