مخاوف من ارتدادات أمنية بعد الزلزال القضائي اللبناني
أنديرا مطر - القبس
Thursday, April 21, 2022
تسابق التطورات القضائية في لبنان الملفات السياسة والاقتصادية على أهميتها. فالعاصفة القضائية التي تسبب بها استئناف المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار تحقيقاته في الملف، مستنداً الى دراسة قانونية مبررة ومحكمة، بدأت تثير المخاوف من إشعال اضطرابات سياسية، بل وأمنية، وقد بلغت ذروتها اليوم بالادعاء على النائب العام التمييزي غسان عويدات، في سابقة هي الأولى في تاريخ لبنان بحق مرجع قضائي بهذا المستوى.
مصدر قضائي قال ـــ في اتصال مع القبس: إن بيطار، قرر بفعل اجواء محلية وخارجية ضاغطة، استعادة زمام المبادرة بسلسلة قرارات وادعاءت، وهو مصمم على السير في القضية حتى نهايتها ولو استدعى ذلك قلب الطاولة على المنظومات الثلاث «السياسية والقضائية والأمنية» التي تحالفت على مدى أكثر من عام على تكبيله وكف يده.
وكشف المصدر لـ القبس أن «تحالفاً سياسياً - أمنياً - قضائياً عريضاً يعد العدة لشن هجمة مضادة على بيطار تعيد إبطال قراراته»، آملاً أن يبقى الصراع المحتدم في اطاره القانوني وألا يتعداه الى ما لا تحمد عقباه.
في المقابل، نقلت مصادر المدعي العام للتمييز القاضي غسان عويدات، المتنحي أصلاً عن الملف، بأنه يدرس قانونية الادعاء على القاضي بيطار بجرم «اغتصاب السلطة» وإحالته الى الرئيس الأول لمحكمة التمييز.
رد عويدات
وكان عويدات قد وجه كتاباً عالي اللهجة الى بيطار، استعان فيه بآية قرآنية وأخرى من الانجيل، قال فيه: «إن يدكم مكفوفة بحكم القانون ولم يصدر لغايته اي قرار بقبوله أو برفض ردكم أو عدم نقل الدعوى من أمامكم».
في المقابل، عقد وزير العدل هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى وقضاة معنيون اجتماعاً وعلى جدول أعماله بند وحيد «كيفية التعامل مع قرارات المحقق العدلي، إن لجهة قرار استئناف عمله او لجهة قرارات إخلاء السبيل الصادرة عنه ورد طلبات أخرى، وقرارات الادعاء على عدد من المسؤولين بينهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير أمن الدولة اللواء انطوان صليبا».
قرارات غير قابلة للطعن
في السياق، أكد رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر أنّ دعاوى الرد تقام ضد أعضاء المجلس العدلي وليس ضد المحقق العدلي. وكشف القاضي صادر أن البيطار رفض إعطاء مستندات رسمية للقضاة الفرنسيين عن تفجير المرفأ؛ لأنّه لم يكن قد استأنف تحقيقاته بعد، مؤكّداً أن قرارات القاضي البيطار الجديدة غير قابلة لأي طريقة من طرق الطعن ويجب تنفيذها.
وتستمر ترددات هذه القرارات بعدما حدد بيطار مواعيد لاستجواب المدعى عليهم تمتد من 6 الى 22 من فبراير المقبل.
فقد عين بيطار جلسات استجواب لكل من الوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق في 6 فبراير المقبل، ولرئيس الحكومة السابق حسان دياب في 8 منه، وأبلغهم لصقاً على باب مكتبه في قصر العدل، ووفقاً لاستدعاء للمحكمة فقد وجهت للثلاثة تهمة «القتل على القصد الاحتمالي».
كما استدعى بيطار الى جلسة تعقد في 10 فبراير المقبل مدير أمن الدولة اللواء انطوان صليبا والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
وجه بيطار الاتهام إلى النائب العام اللبناني التمييزي القاضي غسان عويدات وثلاثة قضاة آخرين على صلة بالقضية هم غسان خوري وكارلا شواح وجاد معلوف، محدداً جلسات استجوابهم بين 20 و22 فبراير المقبل.
ولم تتلق النيابة العامة التمييزية من البيطار أسماء القضاة المدعى عليهم باعتبار أن تبليغ القاضي أصولاً يكون في مكتبه في قصر العدل وعبر الرئيس الأول لمحكمة التمييز أي القاضي سهيل عبود.
تداعيات سياسية
قنبلة بيطار ترددت مفاعيلها داخل مجلس النواب، حيث علا الصراخ على هامش انعقاد جلسة للجنة الادارة والعدل، وذلك بعد دفاع النائبة نجاة صليبا عن المحقق العدلي، لتتحول الجلسة المقرّرة لمناقشة قانون استقلالية القضاء، إلى مشادّة كلاميّة بين نواب الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله)، ونواب آخرين أيدوا القاضي بيطار في قراراته الجديدة.
واتهم النائبان المدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر القاضي بيطار بتنفيذ أجندات سياسية. وقال الاخير إن نوابا لا يفقهون في القانون ويناقشون فيه، مضيفاً أن «بيطار رجل مريض»، في وقت انتقد النائب حسين الحاج حسن تسريبات المحقق العدلي لمحاضر التحقيق والاسماء واصفا الوضع «بالخطير جداً».
واتسمت الجلسة بحدية بالغة وألفاظ عالية النبرة، وقام بعض النواب بتوجيه اتهامات وشتائم لوليام نون شقيق أحد الضحايا وللنواب المتضامنين معه.
بدوره، أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى أنه «ما يقوم به البيطار تدمير تعسفي وكوميديا والمطلوب إنقاذ العدالة من لعبة الابتزاز التي يقودها لأن البلد برميل بارود».
أمّا رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، فغرّد: «بيطار يخالف القانون ويعمم الفوضى.. خطورة جنون هذا القاضي أنه يشرّع سقوط الدولة».
فيما عنونت صحيفة الأخبار القريبة من حزب الله بـ: «طارق بيطار جُن»، معتبرة أن قرار بيطار جاء «بقوة إسناد قضائي أوروبي وأوامر أميركية».
«الخارجية الأميركية»
بالموازاة، وفي أول موقف خارجي من المستجدات القضائية، حثت «الخارجية الاميركية» السلطات اللبنانية على استكمال تحقيق سريع وشفاف في تفجير مرفأ بيروت. وقالت: «إن ضحايا هذا التفجير يستحقون العدالة والمسؤولون عنه يجب أن يعاقبوا».
وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية لبنانية أنه من الضروري أن تكون عودة طارق بيطار إلى ملف التحقيق في الجريمة محصنة ومعززة بغطاء قضائي محلي (مجلس القضاء الأعلى) ودولي، وإلا كانت زوبعة في فنجان.
الدولار 55 ألفاً.. وصفيحة البنزين تقترب من المليون
معيشياً، تجاوز الدولار كل السقوف ولامس 55 الفاً. في الموازاة، حلّقت أسعار المشتقات النفطية مع صدور جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية، إذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 50 ألف ليرة؛ لتكون على مسافة قصيرة من بلوغ عتبة المليون ليرة في حين تخطت صفيحة المازوت هذه العتبة.
وفي السياق، أبدى رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي «أسفه الشديد للارتفاعات المتتالية لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، والذي سيؤدي إلى مزيد من التداعيات الاقتصادية والمعيشية والحياتية». ووصف بحصلي بلوغ سعر صرف الدولار عتبة 55 ألف ليرة بالكارثة، «لأنه ستكون لهذا الأمر انعكاسات سلبية على معيشة المواطنين بالدرجة الأولى وعلى المؤسسات والأسواق». وحذَّر من أن الأمن الغذائي للبنانيين بات على وشك الاهتزاز، لعدم تمكن شريحة واسعة منهم من الحصول على كل احتياجاتهم.
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها