اليوم ذكرى اغتيال الحريري : لبنان والجريمة السياسية... «لعبة موت» مفتوحة والقاتل مجهول
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
عند كل 14 فبراير، تستعيد ذاكرةُ اللبنانيين ذاك الانفجار الخارق لـ «جدار الصوت» والخطوط الحمر في قلْب العاصمة بيروت، ومشهدَ الدم والدمار والجمود الذي بدا معه أن «الزمن توقّف».

اغتيل الرئيس رفيق الحريري في مرحلةٍ قاتمة من تاريخ لبنان، فأطلق زلزالُ 14 فبراير 2005 «ثورةَ الأرز» التي ارتسمتْ بحلّةٍ مليونية في تظاهرات 14 مارس الهادرة.

تلك اللحظة استعادها اللبنانيون يوم 4 أغسطس 2020 حين دوى انفجار كبير أقوى وأشدّ ظلامة «استيقظ» معه كابوس 14 فبراير نفسه بأعداد أكبر من الشهداء وبتدمير نصف العاصمة.

لكن في «الاغتيالين» تبقى الجريمة واحدة، في معناها ونتائجها وتداعياتها ومغزاها في القضاء والأمن والسياسة، وسط الرمزية التراجيدية لتحوّل بيروت في 15 عاماً مسرحاً لإحدى أخطر الجرائم السياسية وأقوى الانفجارات غير النووية في التاريخ.

صحيح أن ما حصل منذ 2005 أعطى لمناسبة 14 فبراير أبعاداً ترتبط بصعود «الحريرية» وتأثيرات ذلك على الحالة السياسية، لكن هذه المحطة اليوم تتخذ طابعاً آخَر مرتبطاً بتاريخ البلد ومستقبله، إذ بين التداعي السياسي لفريق 14 مارس وتفتُّت لبنان تدريجياً على وقع الصدمات السياسية والأمنية، لم يَعُدْ 14 فبراير موعداً لإحياء ذكرى الحريري بل تحوّل رمزاً للاغتيالات السياسية التي عاشها لبنان في مرحلة قياسية منذ الأول من أكتوبر 2004 مع أول محاولةٍ لاغتيال الوزير والنائب مروان حمادة وصولاً إلى آخِر عملية اغتيال ذهب ضحيتها المفكّر لقمان سليم الذي خُطِف وقُتل في 4 فبراير 2021.

فما حصل منذ «جريمة العصر» قبل 18 عاماً وما تلاها رَسَمَا معالم ما يقاسيه اللبنانيون اليوم في عيْشهم لأزماتٍ متتالية لا سقف لها، وبخوف دائم على مستقبلهم وحياتهم.

وقد أصبحتْ مناسبة 14 فبراير رمزاً لدورة العنف التي لم تهدأ في لبنان الذي عُرف بأكبر عددٍ من الاغتيالات السياسية ربما في العالم، وهي عملياتٌ لم تبدأ خلال الحرب أو بعدها.

فالتصفيات الجسدية كانت عنواناً لمراحل سياسية وأمنية مختلفة في «بلاد الأرز»، وتَعَرَّضَ لها مفكّرون وقادة رأي وصحافيون ورجال دين وسياسيون من كل الطوائف.

وفي منطقةٍ انطبعتْ بالاغتيالات والانقلابات العسكرية، عاش البلد الصغير بمساحته وعدد سكانه، تحت رحمة الاغتيال الجسدي، وكانت أولى هذه الجرائم مع بداية استقلاله حين اغتيل رئيس الوزراء السابق رياض الصلح (1951)، وكرّت سبحة الاغتيالات.

صحيح أن التصفيات اتخذت طابعاً سياسياً في ظل الغليان في منطقة الشرق الأوسط وصعود الجبهات العسكرية، لكن حماوة الحياة السياسية والتدخلات الخارجية فتحتْ الباب أمام تسهيلها وكثافتها بحسب الظروف السياسية والأمنية.

وإذا كانت الحرب وفّرت غطاء مثالياً للاغتيال، فإن حجمَ ما حصل قبل الحرب ودلالاته وما حصل بين 2005 و2007 وحتى عام 2013، بكثافة العمليات التي تَعَرَّضَ لها فريقٌ سياسي واحد استُهدف بعشرة اغتيالات، كان كبيراً بمؤشّراته ودلالاته.

عَرف لبنان قبل الحرب الاغتيالَ السياسي، من الصلح إلى الصحافي نسيب المتني الذي اغتيل في 1958 ومن ثم اغتيال النائب معروف سعد الذي أشعل فتيل حرب 1975.

ولم تهدأ وتيرةُ الاغتيالات، فقد اغتيل رئيسان للجمهورية، بشير الجميل (1982) ورينيه معوض (1989)، وثلاثة رؤساء للحكومة رياض الصلح ورشيد كرامي (1987)، الحريري، المفتي حسن خالد (1989)، الشيخ صبحي الصالح (1986)، ونواب ووزراء ورؤساء أحزاب من كل الطوائف، كمال جنبلاط (1977)، ناظم القادري (1989) وداني شمعون (1990)، وصولاً لجرائم 2005 وما بعدها لسياسيين مثل جورج حاوي (2005)، بيار الجميل (2006)، أنطوان غانم ووليد عيدو (2007)، محمد شطح (2013)، ولضباط مثل العميد فرنسوا الحاج (2007)، اللواء وسام الحسن (2012)، الرائد وسام عيد (2008)، ولصحافيين مثل جبران تويني وسمير قصير (2005)، وقبْلهما كامل مروة (1966) ورياض طه وسليم اللوزي (1980).

تطول لائحة الاغتيالات والتصفيات الجسدية، بكاتمٍ للصوت أو بأصوات قوية تهزّ المنطقة ويذهب ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين. وتطول كذلك لوائح الاتهامات لمرتكبيها، لكن من دون أن يُقبض على أيٍّ من الذين ارتكبوا هذه الجرائم لا قبل الحرب ولا خلالها ولا بعدها.

وقد لا تكون الاغتيالات نموذجاً فريداً عما شهدتْه حروب أخرى وبلادٌ أنهكتْها الصراعات والقتل، لكن لبنان عَرف كل أنواع الاغتيالات.

إذ جرت تصفياتٌ داخل الأحزاب والطوائف، من اغتيال الشيوعيين الشيعة، وحروب تصفية داخل التنظيمات المسلّحة إبان مرحلة الاقتتال الأهلي، و«حرب العلميْن» في بيروت (بين حركة «أمل» والحزب التقدمي الاشتراكي) وعمليات القتل المتبادَلة بين أحزاب «الحركة الوطنية»، وحروب المخيمات الفلسطينية والتصفيات داخلها، وحرب الإلغاء لدى المسيحيين (بين العماد ميشال عون والقوات اللبنانية) واغتيالاتٍ وسيارات مفخَّخة كانت الأحزاب تتبادل توزيعها بين بيروت الشرقية وبيروت الغربية، ليتساقط الضحايا من كل الطوائف. يضاف إلى كل ذلك محاولاتُ اغتيالٍ لم تنجح وقَتْلٌ على الهوية كأحد أبشع أنواع الاغتيالات ومئات المفقودين في حروب خطْف تَساوت بها جميع الأحزاب.

لم تهدأ مطلقاً دورة العنف في لبنان حتى في أيام السلم الأهلي بين 1990 و2004، فاغتيل الوزير ايلي حبيقة عام 2002، والناشط في «القوات اللبنانية» رمزي عيراني في العام نفسه، ليعود المسلسل الدموي مجدداً في 2004 مع محاولة اغتيال حماده.

لم تَعرف «لعبة الموت» حدوداً لها في «بلاد الأرز»، فهي طالت الجميع، طوائف ومناطق وخطوط تماس وحروباً متنقّلة، واتخذت أشكالاً عدة من تهجير واشتباكاتٍ واغتيالاتٍ، كلها ظلت تطبع اللبنانيين بخوفٍ من المستقبل القاتم.

وها هي ذكرى 14 فبراير تفتح مجدداً الذاكرة وتنكأ جراحها الكثيرة، لأن ما يرتسم في الأفق يتجدّد في كل مرة، خوفاً من توتر أمني كامِن تحت «برميل البارود» المعيشي ومن عودة شبح الاغتيالات «النائمة» والذي لم يغادر لبنان فعلياً.

دول اجتماع باريس... تحذّر

شدّدت الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر «على أن عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيرتّب إعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان، لأنه إذا لم يقم النواب بواجباتهم فالدول الخارجية لن تكون أكثر حرصاً من المسؤولين أنفسهم».
جاء هذا الموقف على لسان ممثلي الدول الخمس التي عقدت الاثنين الماضي اجتماعاً ضم ممثلين لها في باريس.

وجال ممثلو الدول الخمس أمس، على رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووضعوهما في أجواء اجتماع باريس الذي لم يخرج ببيانٍ.

وبحسب المكتب الإعلامي لميقاتي، أنه استقبل سفراء فرنسا آن غريو، والولايات المتحدة دوروثي شيا، ومصر ياسر علوي، وقطر إبراهيم السهلاوي، والمستشار في السفارة السعودية فارس حسن عمودي، نظراً لوجود السفير وليد بخاري خارج لبنان.

Tuesday, February 14, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top