«تحذير الكويت» محطّ اهتمام في لبنان «المتدحرج» نحو... السقوط
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
يشكل الأسبوع الطالع اختباراً حقيقياً لمدى إدراكِ السلطات اللبنانية المخاطر الكبرى المترتّبة على ترْك الانهياراتِ المالية والسياسية «تجرف» ما تبقى من «مَنافذ» ضيّقة لإخراج البلاد «قبل فوات الأوان» من القعر الذي مازالت «تتدحرج» صوبه منذ نحو 3 أعوام.

ولم يتطلّب الأمر كثير عناءٍ لتبيان أن «الموجةَ العنفية» غير المسبوقة التي أطلت برأسها الأسبوع الماضي واستهدفت مَصارف مترافقةً مع تسخين الشارع باحتجاجاتٍ على وقع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، ما هي إلا «بروفة» لِما يكمن للبنان على مفترق مأزقِ الانتخابات الرئاسية التي باتت واقعياً أشبه بـ «تقاطع طرق» للأزمة المالية وأخواتها والصراع السياسي الكبير المفتوح منذ 2005.

وتعاطتْ بيروت باهتمامٍ بالغ مع «جرس الإنذار» الذي شكّله تحذيرُ الكويت لرعاياها في لبنان بـ «ضرورة أخذ الحيطة والحذر في تنقلاتهم والابتعاد عن مواقع الاحتجاجات والاضطرابات الأمنية في عدد من المناطق اللبنانية والالتزام والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات الرسمية المختصة»، وسط خشيةٍ من أن يكون هذا التطور «تحذيراً سبّاقاً» وفاتحةً لمواقف مماثلة من دول خليجية وربما غربية أخرى ربْطاً بما شهده الشارع في الأيام الماضية وتسود مخاوف من أن يُستكمل هذا الأسبوع الذي يضرب موعداً مع أكثر من تَحرُّك نقابي في غمرة تَمَدُّد «الثقب الأسود» المالي والنقدي مُنْذِراً بابتلاع بقايا «صمامات الأمان» في الواقع اللبناني.

ولم تساهم المناخاتُ الداخلية التي واكبتْ «التمرين الساخن» في الشارع في تبريد القلق من الآتي، بعدما أعطى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله توصيفاً «ماكرو» لِما يشهده لبنان يرتكز على اتهام واشنطن بفرْض حصار عليه ومحذّراً إياها من جرّ «بلاد الأرز» إلى الفوضى من خلال الأزمة الاقتصادية لأن ذلك «سيؤدي لامتداد هذه الفوضى إلى كل المنطقة، وسنمدّ يدنا لمَن يؤلمهم حتى لو أدى ذلك إلى الحرب مع إسرائيل».

وفي المقابل كانت مقاربة «ميكرو» لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن المركزي (الجمعة) إذ لم يتوانَ عن القول تعليقاً على ما حصل من اعتداءات وأعمال حرق أمام فروع عدد من المصارف «وكأن هناك فقسة زر»، معلناً «من خلال متابعتي ما جرى سألتُ نفسي هل فعلاً هؤلاء هم مِن المودعين أم أنّ هناك إيعازاً ما من مكان ما للقيام بما حصل؟».

وبين هذين الحدّيْن يضيف خصومُ «حزب الله» المحليون إلى «المسرح السياسي» لـ «التحميةِ» في الشارع محاولةَ إعدادِ الأرضية لِما يشبه «الجلْب السياسي» للجميع إلى خيار سليمان فرنجية الرئاسي، وسط توقف هؤلاء عند اقتراب الحزب من إعلان ترشيحه وفق ما عبّر عنه كلام رئيس كتلة نوابه محمد رعد عن «أننا لم نفصح عن مرشّحنا، ولكن لدينا مَن نرغب في أن يكون رئيساً، ونريد أن نطرحه لإقناع الآخرين به»، مؤكداً «هناك شوط قطعناه في ما يتعلّق بانتخاب الرئيس، ومازلنا ننتظر أن تتفتّح العقول».

وإذا كانت هذه القراءات المتباينة لِما يجري «ميدانياً» تتقاطع في النتيجة عند أن ثمة «استثماراً»، يُخشى أن يتحوّل متعدد الاتجاه، لـ «برميل البارود» المالي - المعيشي بهدف «توجيه عصْفه» نحو استحقاق دستوري أو للإمعان في تسديد ضربات «كاسرة للتوازنات» الداخلية، فإن الساعات المقبلة تكتسب أهمية كبرى لجهة تحديد هل سيكون ممكناً فرْملة المنحى «اللاهب» للانهيار الذي يقرّب البلاد بسرعة تصاعدية من الارتطام المروع، أم أن ما كُتب قد كُتب على صعيد اعتماد سياسة «الأرض المحروقة» في سياق تسعير «التدافع الخشن» على تخوم المكاسرة السياسية بشقّيها الداخلي والخارجي.

من هنا تتّجه الأنظار لِما إذا كانت السلطاتُ المعنية ستنجح في معاودة الإمساك ولو «بالخيط الرفيع» الذي مازال يحول دون «الانفلات الجهنّمي» للدولار الأسود، بعدما بات الواقع النقدي عالقاً بين «فكّي كماشة» الإضراب المفتوح الجزئي للمصارف اعتراضاً على أحكام قضائية بحق بعضها وما تعتبره «استدعاءات تعسفية» لبعضها الآخر بشبهات تبييض أموال وإلزامها بمخالفة قانون السرية المصرفية، وضيق هامش المناورة أمام مصرف لبنان للتدخّل في السوق بعدما تضاءلتْ الأدوات التي يملكها وصار كل ضخٍّ لـ «بقايا الاحتياطي» من العملة الخضراء يتم «شفطه» من «غيلان الصيارفة» ولا يكفي كإبرة تخدير بالكاد تدوم صلاحيتها أسبوعاً أو اثنين.

وبأي حال ما شهدْته الأيام الماضية أكد التلازم بين أي تدخل مفترض في السوق جرى الترويج لأن «المركزي» يعدّ له وبين عودة القطاع المصرفي عن إضرابه المفتوح، وسط حرص جمعية المصارف في لبنان أمس، على الردّ على ما أشيع عن اقترابها من استئناف عملها فأصدرت بياناً ذكّرت فيه «للمرة الألف، بأنها تعلن قراراتها بطريقة رسمية وليس عبر تسريبات يتم تسويقها عبر بعض المواقع الإلكترونية التي تبحث عن السبَق الصحافي قبل أن تتأكد من صحة الخبر»، مؤكدة «وبالتالي، الأخبار التي يجري تداولها عن قبول جمعية المصارف فك الاضراب الاثنين مغلوطة ولا أساس لها، وهي مستمرة باضرابها حتى إعلانها خلاف ذلك».

وإذ استعاد في ضوء ذلك سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء منحاه صعوداً نحو 79 ألف ليرة بعد تراجُع من نحو 81 ألفاً إلى قرابة 78 ألفاً، لم يكن عادياً أن يتحوّل موضوع التمديد لحاكم البنك المركزي رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في مايو المقبل جزءاً من شد الحبال القاسي «المتعدّد الجبهة» حول الجلسة التشريعية التي سعى رئيس البرلمان نبيه بري لعقدها بهدفٍ «مركزي» هو توفير الأرضية القانونية للتمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يحال على التقاعد نهاية الشهر الجاري، إلى جانب إقرار بنود ملحة وقانون الكابيتال كونترول.

وبعدما أعطى وزير المال يوسف خليل «إشارةَ» هذا التمديد بتصريحٍ عاد وأوضح ملابساته معتبراً «أن الظروف التي يمر بها لبنان صعبة وقد يكون من الصعب أن تتفق القوى السياسية على البديل عن سلامة»، لافتاً إلى أنه لم يتحدث عن التمديد بل «أشار الى الاقتراح الذي تضمن التمديد لموظفي الفئة الأولى (بينهم اللواء إبراهيم)»، فإن مواقف السقف العالي لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حيال حاكم «المركزي» عززتْ «حيثيات» الاقتناع بأن حزب الرئيس السابق ميشال عون لن يشارك في الجلسة التشريعية المرتقبة رغم محاولة بري في اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم «اختصار» جدول الأعمال إلى 5 بنود في محاولةٍ لجعل كتلة التيار توفّر نصاب الجلسة.

وجاءت تغريدة للرئيس عون حذّر فيها «كلّ المسؤولين الذين يسعون للتجديد لحاكم مصرف لبنان من هذه الخطوة التي ستكون نهاية لبنان والضربة الأخيرة التي ستسقطه نهائيّاً» لتؤكد المؤكد لجهة «الخط الأحمر» الذي يرسمه التيار حول التمديد لسلامة، وسط اعتبار أوساط سياسية أن تطيير الجلسة التشريعية سيستوجب البحثَ عن مخارج أخرى لإبقاء اللواء إبراهيم في منصبه وأن معادلةً ضمنية قد تكون ارتسمت على قاعدة أن تغطية التيار أي مسارٍ في هذا الاتجاه لن يكون ثمنه أقلّ من «دفْن» التمديد لحاكم مصرف لبنان.

وتحوّلت معاندة «التيار الحر» المشاركة في الجلسة التشريعية «مادة حارقة» إضافية لعلاقته مع «حزب الله» الذي صوّب باسيل مباشرة عليه في كلمته أول من أمس حيث ردّ ضمناً على السيد حسن نصرالله، معلناَ «يللي بدو دولة وإصلاح، بالقوة يللي عنده، بدَل ما يستعملها على الغرب، يستعملها شوي على واحد متل رياض سلامة»، ومؤكداً «ما حدا يهدّدنا بالفوضى أو بعقوبات أو بالفراغ وبالحكومة وبمجلس النواب، ورئيس الجمهورية إمّا نختاره بقناعتنا ولا أحد يفرضه علينا، فرئيس جمهورية على ظهر الفوضى مثل رئيس على ظهر الدبابة الإسرائيلية».

ومن شأن ارتفاع «السواتر» السياسية أكثر بين «التيار الحر» و«حزب الله» أن يزيد من تعقيدات الملف الرئاسي، حيث يصرّ باسيل على رفض السير بفرنجية، في ظل معطياتٍ تشي بأن علاقة التيار والحزب تتجه إلى قطيعة، من دون أن يُعرف إذا كان سيبقى مكان لتعاونٍ بينها ولو على «القِطعة».

في موازاة ذلك، برزتْ زيارةُ وفد برلماني لبناني لدمشق برئاسة النائب علي حسن خليل (المستشار السياسي لبري) حيث استقبله الرئيس بشار الأسد، كما التقى وزير الخارجية السوري ورئيس مجلس الشعب.

واستوقفت هذه الزيارة أوساطاً سياسية باعتبارها تكرّس منحى تطبيعياً مع النظام السوري كانت بدأته الحكومة اللبنانية بعد الزلزال المدمر في تركيا وسورية.

يُذكر أن اتصالاً جرى أمس بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس نجيب ميقاتي جرى خلاله البحث في تداعيات الزلزال.

دعاهم «ارفعوا أيديكم عن البلد»

الراعي للمسؤولين و«المعطّلين»: الخارج يريد حمايةَ لبنان منكم

في «صرخة» هي الأعلى، انتقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بشدة «المسؤولين السياسيّين والنوّاب والنافذين والمعطّلين بوجه أو بآخَر»، متهماً إياهم بأنهم حوّلوا لبنان «مأتماً كبيراً، ووشحتموه برداء أسود من الفقر والجوع والحرمان والتهجير».

وقال الراعي في تقريعٍ هو الأقسى للمسؤولين اللبنانيين وحَمَلَ غمزاً من قناة «حزب الله»: «تفتحون أبوابه (لبنان) لمليونين وثلاث مئة ألف نازح سوري، ما بدأ يفوق نصف الشعب اللبنانيّ. ترفضون أيّ نصيحة من الدول الصديقة والحريصة على استقرار لبنان واستعادة قواه، وكلّ دعوة ملحّة لانتخاب رئيس للجمهوريّة، فتدعون ذلك تدخّلاً ومسّاً بكرامتكم.

إنّهم يريدون حمايةَ لبنان منكم، من كلّ عدوّ له يأتيه من الداخل، وانتشال الشعب من براثن أنانيّانكم وكبريائكم ومشاريعكم الهدّامة. فلا لبنان خاصّتكم، بل خاصّة شعبه! ولا الشعب غنيمة بين أيديكم، بل غنى لوطنه لبنان. فارفعوا أيديكم عن لبنان وشعبه».

Sunday, February 19, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

تابعوا أخبارنا عبر خدمة : google-news

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top