قوارب الموت.. حوادث متكررة في المتوسط ومنظمة تكشف عن الطريق الأكثر دموية
الحرة
Thursday, April 21, 2022
تتوالى حوادث غرق "قوارب الموت" التي تقل مهاجرين غير شرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط، نحو الحلم المنشود في أوروبا، وسلطت حادثة غرق قارب للمهاجرين قبالة جزيرة يونانية الضوء مرة أخرى على هذه المشكلة المتفاقمة.

وتبرز هذه الحادثة مثل غيرها من الحوادث "مخاطر طريق الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط، التي يتحملها المهاجرون، والصراع السياسي الداخلي الذي أحبط استجابة أوروبية آمنة للفارين من الحرب والفقر وتغير المناخ"، وفقا لأسوشيتد برس.

ولقي ما لا يقل عن 23 شخصا مصرعهم في غرق زورقين كان على متنهما مهاجرون في اليونان، بفارق ساعات يومي الأربعاء والخميس وفقا لحصيلة جديدة لخفر السواحل اليونانيين الجمعة.

وتم انتشال ما لا يقل عن خمس جثث في جزيرة كيثيرا جنوب البيلوبونيز حيث جنح مركب شراعي على متنه 95 مهاجرا ليل الأربعاء الخميس بحسب ما قال متحدث باسم خفر السواحل اليونانيين لوكالة فرانس برس.

وفي حادث آخر وقع صباح الخميس، لقي ما لا يقل عن 18 شخصا معظمهم من النساء، حتفهم قبالة جزيرة ليسبوس شرق المتوسط، وفقا للمصدر نفسه.

وفي كيثيرا، تم إنقاذ 80 شخصا من الغرق بينما عثر على 28 شخصا قبالة ليسبوس.

وجاءت هذه الحوادث، بعد أيام فقط من إحياء إيطاليا الذكرى التاسعة لواحد من أكثر حوادث غرق السفن دموية في البحر الأبيض المتوسط ​​في الذاكرة الحديثة، حيث انقلبت سفينة مهاجرين قبالة لامبيدوزا، صقلية، في 3 أكتوبر 2013، وقتل نتيجة ذلك 368 شخصا.

وفي 27 سبتمبر الماضي، ارتفعت حصيلة ضحايا غرق المركب الذي كان يقل مهاجرين انطلقوا من لبنان، قبالة السواحل السورية، إلى مئة قتيل كما أفادت وسائل إعلام سورية رسمية.

وحصيلة غرق المركب هذا التي تعد بين الأعلى في منطقة شرق المتوسط، ارتفعت تباعا، فيما نجا 20 شخصا فقط من أصل 150 راكبا.

ومنذ بداية العام الحالي، سجلت المنظمة الدولية للهجرة وصول حوالي 109 آلاف شخص "غير نظامي" إلى دول أوروبية مطلة على البحر الأبيض المتوسط، ​​مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان وقبرص ومالطا، عن طريق البر أو البحر. وقد جعل هذا الهجرة موضوعا سياسيا ساخنا في تلك الدول الأوروبية، وفقا لأسوشيتد برس.

ولاحظ مسؤولو اللاجئين في الأمم المتحدة أن الأعداد الإجمالية للمهاجرين الذين يسعون إلى القدوم إلى أوروبا بهذه الطريقة قد انخفضت على مر السنين، إلى ما متوسطه حوالي 120 ألف سنويا. وهم يصفون هذا الرقم بأنه "يمكن التحكم فيه" نسبيا، مقارنة مع 7.4 مليون أوكراني فروا من وطنهم هذا العام هربا من الغزو الروسي، وتم الترحيب بهم من قبل الدول الأوروبية.

وقالت شابيا مانتو، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين في جنيف: "لقد رأينا مدى سرعة الاستجابة للتعامل مع هذا الوضع بطريقة إنسانية للغاية وجديرة بالثناء"، في إشارة إلى استقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين والترحيب بهم.

وتساءلت "طالما استطعنا أن نرى ذلك يحدث بشكل ملموس للغاية في هذا الموقف (اللاجئين الأوكرانيين)، فلماذا لا يمكن تطبيقه على 120 ألف شخص يأتون إلى أوروبا على أساس سنوي؟".

ويرى آخرون أن رد فعل أوروبا القاسي على المهاجرين من البحر الأبيض المتوسط، الذين يأتون غالبا من أفريقيا، واستقبالها للمهاجرين السلافيين الأوكرانيين أمر عنصري.

ما مدى خطورة ركوب البحر؟

حتى الآن هذا العام، أبلغت المنظمة الدولية للهجرة عن مقتل أو فقد 1522 مهاجرا في البحر الأبيض المتوسط. بشكل عام، تقول المنظمة الدولية للهجرة إن 24871 مهاجرا لقوا حتفهم أو فقدوا في البحر المتوسط ​​منذ عام 2014، ويعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك نظرا لعدد حوادث تحطم السفن التي لم يتم الإبلاغ عنها مطلقا.

وقالت مؤسسة ISMU في إيطاليا، والتي تجري أبحاثا حول اتجاهات الهجرة: "لقد تم التأكد من أن الرحلات نحو إيطاليا هي الأكثر خطورة".

طريق الهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط ​​الذي ينقل المهاجرين من ليبيا أو تونس شمالا إلى أوروبا هو أكثر طرق الهجرة المعروفة دموية في العالم، حيث يمثل أكثر من نصف الوفيات المبلغ عنها في البحر الأبيض المتوسط، ​​وتتابعه المنظمة الدولية للهجرة منذ عام 2014، وهذا الطريق تكون إيطاليا عادة وجهته الرئيسية، وفقا لأسوشيتد برس.

ومع بداية حركة اللجوء السورية منذ مطلع العام 2011 باتجاه دول عربية وأوروبية لجأت العديد من العائلات السورية إلى دولة الجزائر، وبعد مرور أكثر من 11 عام ومع تزايد حاجة الكثير من السوريين المقيمين في الجزائر للسفر إلى دول أوروبية بحثا عن فرص عمل أفضل ولتحسين أوضاعهم المعيشية، نشطت في الجزائر حركة التهريب عبر البحار وتصدر العديد من الأشخاص الذين باتوا معروفين بعملهم في "الاتجار بالبشر" وتهريبهم رغم المخاطر المحدقة بهم، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكشفت مصادر محلية في الجزائر للمرصد، عن هويات العديد من الأشخاص المتورطين في تهريب السوريين عبر طرق بحرية وبرية مستغلين حاجتهم للهجرة، ووفقا للمصادر، فإن من بين هؤلاء شخص يعد من أشهر المهربين، وينحدر من منطقة عين العرب (كوباني)، حيث يعمل معه قرابة الـ 200 شخص في منطقتي وهران وعين ترك، ويأخذ من كل شخص يرغب بالهجرة مبلغ يتراوح ما بين 7500 إلى 10 آلاف دولار أميركي، ومما يساعده في عمله هو علاقات تربطه ببعض الضباط في "الأمن الجزائري".

وأضافت المصادر، أن من بين المهربين أيضا شخص آخر ينحدر من مدينة منبج بريف حلب، ويعمل لديه نحو 150 شخص، حيث قام مؤخرا بإرسال 15 مهاجرا على متن قارب في إحدى الرحلات، ومتهم بسرقة مبالغ مالية من العديد من الأشخاص المقيمين في الجزائر، إضافة لشخص آخر من مدينة دمشق ويعمل معه أكثر من 400 شخص في سوريا ويعمل في "مستغانم" الجزائرية ويقيم حاليا في إسبانيا.

أما في ليبيا فلا يكاد الحال يختلف تماما، إذ يوصف بالكارثي، حيث تؤكد المصادر للمرصد، أن مهربين يعملون على إرسال مئات اللاجئين السوريين عبر "قوارب الموت" بأسعار تعد مناسبة بعض الشيء حيث تصل لحد 4500 دولار أميركي، وبعد إرسال هذه القوارب لا يهم المهربين إن كان هؤلاء قد وصلوا بخير أم لا ولا يعنيهم ذلك.

أخطر الحوادث

في 18 أبريل 2015، سجل واحد من أكثر حوادث تحطم السفن دموية في البحر الأبيض المتوسط ​​في الذاكرة الحية، عندما اصطدم قارب صيد مكتظ على بعد 77 ميلا بحريا قبالة ليبيا بسفينة شحن كانت تحاول إنقاذه، ونجا 28 شخصا فقط. في البداية كان يعتقد أن 700 شخص كانوا على متن القارب، وخلص خبراء الطب الشرعي الذين شرعوا في محاولة التعرف على جميع القتلى في عام 2018 إلى أنه كان هناك في الأصل 1100 شخص على متن القارب.

وفي 3 أكتوبر 2013، اشتعلت النيران في سفينة صيد محملة بأكثر من 500 شخص، كثير منهم من إريتريا وإثيوبيا، وانقلبت قرب جزيرة غير مأهولة قبالة جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا. وسارع الصيادون المحليون إلى محاولة إنقاذ الأرواح، وفي النهاية، نجا 155 وتوفي 368 شخصا.

بعد أسبوع واحد، تحطمت سفينة في 11 أكتوبر 2013 على بعد 60 ميلا جنوب لامبيدوزا، وتوفي أكثر من 260 شخصا، من بينهم 60 طفلا.

ونشرت مجلة L’Espresso الإيطالية الأسبوعية في عام 2017 تسجيلات صوتية لنداءات المهاجرين اليائسة للحصول على المساعدة، ويبدو أن السلطات الإيطالية والمالطية تأخرت في عملية الإنقاذ.

طرق هجرة أخرى
طريق غرب البحر الأبيض المتوسط ​​يستخدمه المهاجرون الذين يسعون للوصول إلى إسبانيا من المغرب أو الجزائر. ولطالما استخدم المهاجرون السوريون والعراقيون والأفغان وغيرهم من المهاجرين غير الأفارقة الذين يفرون أولا إلى تركيا ثم يحاولون الوصول إلى اليونان أو وجهات أوروبية أخرى، طريق شرق البحر المتوسط​​.

وتعتبر اليونان نقطة عبور رئيسية لمئات الآلاف من المهاجرين الذين دخلوا الاتحاد الأوروبي في 2015-2016، وكثير منهم فروا من الحروب في العراق وسوريا، على الرغم من انخفاض الأعداد بشكل حاد بعد أن توصل الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى اتفاق في عام 2016 للحد من عمليات التهريب. ومنذ ذلك الحين، شددت اليونان الأجراءات على حدودها وأقامت جدارا فولاذيا على طول حدودها البرية مع تركيا.

واتهمت تركيا وبعض خبراء الهجرة اليونان برد المهاجرين، وهي تهمة تنفيها أثينا، من جانبها، تقول اليونان إن تركيا فشلت في وقف المهربين النشطين على شواطئها وتستخدم المهاجرين لممارسة ضغوط سياسية على الاتحاد الأوروبي بأكمله.

كيف قسمت الهجرة الدول الأوروبية

لطالما اشتكت الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​من أنها تُركت لتحمل وطأة الترحيب بالمهاجرين ومعالجة طلباتهم، وطالبت دولا أوروبية أخرى منذ فترة طويلة بتكثيف المساعدة واستقبالهم.

رفضت بولندا والمجر ودول أخرى في أوروبا الشرقية خطة الاتحاد الأوروبي لتقاسم أعباء نقل المهاجرين.

وأدانت جماعات حقوق الإنسان الطريقة التي قام بها الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة بإسناد عمليات إنقاذ المهاجرين إلى خفر السواحل الليبي، الأمر الذي يعيد المهاجرين إلى مخيمات مروعة على الأرض حيث يتعرض الكثيرون للضرب والاغتصاب والإيذاء.

وقالت جمعية "سانت إيجيديو" أثناء إحياء الذكرى السنوية لحادثة لامبيدوزا 2013 هذا الأسبوع، إنه "على مر السنين، تغيرت الطرق ولكن ليس المآسي"، ومن خلال العمل مع الجماعات المسيحية الأخرى، جلبت الجمعية الخيرية الكاثوليكية أكثر من 5000 لاجئ إلى إيطاليا عبر "ممرات إنسانية" ودعت إلى تنظيم المزيد من الممرات الآمنة حتى لا يضطر المهاجرون إلى المخاطرة بعبور البحر الأبيض المتوسط ​​مع المهربين.

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top