في غياب الإصلاحات.. رفع الرسوم الجمركية يعمّق جراح اللبنانيين
رويترز - الشرق
Thursday, April 21, 2022
يعيش لبنان واقعاً اقتصادياً صعباً بسبب الأزمات التي مرت به، لعل أبرزها تراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار وتفجير مرفأ بيروت، وأضيف إليها رفع الرسوم الجمركية على المواطنين، ما سيزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية والاجتماعية في البلاد.

وقد دخل رفع الرسوم الجمركية حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر إذ بدأ احتساب الضريبة على الواردات وفقاً لسعر صرف يبلغ 15 ألف ليرة لبنانية للدولار، بدلاً من 1507 كما كان في السابق، مما يعني أن التجار أصبح يتعين عليهم فجأة دفع مبالغ أكثر بكثير مقابل استيراد منتجات مثل الأجهزة المنزلية والهواتف وقطع غيار السيارات.

ويواجه عابد عميرات سائق الأجرة البالغ من العمر (62 عاماً) في بيروت خياراً صعباً في كل مرة يتلف فيها جزء من سيارته "المرسيدس" الرمادية القديمة، فإما أن يقترض لاستيراد قطعة غيار باهظة الثمن، أو أن يرفع الأجرة على زبائنه الذين استنزفت الأزمة مواردهم المالية بالفعل.

ويقول إن الأمر يشكل له معضلة وباتت المشكلة أكثر حدة في الأشهر القليلة الماضية مع تحرك الحكومة اللبنانية لزيادة التعريفات الجمركية على السلع المستوردة بنحو عشرة أمثال، في دولة تستورد أكثر من 80 بالمئة مما تستهلكه بما يشمل قطع الغيار التي يحتاجها.

وقال عميرات: "إطارات السيارة اهترأت، أخشى أن تنزلق السيارة.. ليس معي نقود.. أضطر للاستدانة".

صعوبات جمة

وشهد الانهيار الاقتصادي في لبنان، الذي دخل عامه الرابع، خسارة العملة لأكثر من 95 بالمئة من قيمتها، ودفع 8 من كل عشرة لبنانيين إلى براثن الفقر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

ومع تآكل احتياطات النقد الأجنبي أكثر فأكثر، ألغت الدولة بالفعل الدعم عن الوقود وأغلب الأدوية.

ويقول مسؤولون إن رفع المعدل الذي يتم على أساسه احتساب الرسوم الجمركية سيعزز إيرادات الدولة، وهو خطوة للأمام صوب توحيد أسعار الصرف المتباينة.

وهذا الأمر من بين الشروط المسبقة التي حددها صندوق النقد الدولي في أبريل للبنان، ليتمكن من الحصول على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، لكن الصندوق يقول إن تنفيذ الإصلاحات يتم ببطء شديد.

ومن شأن ذلك أن يزيد من الضغوط المالية على المواطنين الذين يكافحون بالفعل لتحمل نفقات المعيشة اليومية.

وأشار عميرات إلى أن الكثير من زبائنه يطلبون بالفعل تخفيضاً على أجرة الركوب المعتادة، والبالغة 40 ألف ليرة.

ويقول عميرات عن تأثير الأمر عليه وعلى زبائنه "ماذا نقول للمواطن أجرة 100 ألف ليرة؟ كم مرتبه؟ هذا يعني أن أقول له لا تصعد معي، هو لا يستطيع ولا أنا".

ويقول رابح فارس، وهو مهندس من شمال لبنان، بدأ في استيراد السيارات المستعملة عندما تباطأت الأعمال، إن المعدل الجديد يجبر تجار قطع الغيار والسيارات على رفع الأسعار، وإلا سيغلقون أعمالهم.

وأضاف: "تحتاج إلى العمل 4 أو 5 سنوات لتحمل قيمة الجمارك على سيارة في الوقت الراهن". وقدر رسوم استيراد سيارة مستعملة في المتوسط بنحو 94 مليون ليرة لبنانية، وهو ما يفوق الحد الأدنى للأجور شهرياً بنحو 156 مرة.

التوقيت غير المناسب

وقالت وزارة المالية إن الإيرادات التي تم جمعها في الأيام الخمسة عشرة التالية لدخول القرار حيز التنفيذ أظهرت ما وصفته بأنه فارق ضخم، لكن الأرقام النهائية ستكون جاهزة للنشر في نهاية الشهر.

ووافق البرلمان على المعدل الجديد في سبتمبر، لكنه لم يُطبق إلا في بداية هذا الشهر، وهو تأخير قال عنه وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، بأنه سمح للتجار بتخزين واردات قبل الرفع مع زيادة أسعار البيع.

وأوضح سلام: "أول خطأ هو ما حدث وأنا كنت ضده.. الإعلان المسبق.. هذه قرارات حكومية تخص الاقتصاد وتؤثر على السوق وتعطي مؤشرات للشركات، لذا لا يمكنك تطبيقها قبل أن تأخذ قراراً نهائياً فيها".

وتابع قائلاً: "تم الإعلان عن القرارات قبل 3 أشهر، هذا يعني دفع التجار لهذه الطريقة من التربح، وهذا ما حدث بالفعل".

ودفعه ذلك للتشكك في قدرة لبنان على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لضمان الحصول على حزمة الإنقاذ من صندوق النقد في الأشهر القليلة المقبلة.

Monday, December 19, 2022 - إقرأ الخبر من مصدره

إضغط هنا للانضمام الى قناة صدى الارز على Youtube

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top