حرب بيانات تشتعل حكومياً بين ميقاتي وباسيل ورئاسياً بين بري وجعجع.. وجنبلاط يفتّش عن تفاهمات
سعد الياس - القدس العربي
Thursday, April 21, 2022
استعرت حرب البيانات في لبنان في الساعات القليلة الماضية على أكثر من خط منذرة بارتفاع نسبة التوترات السياسية في البلاد تزامناً مع احتدام الاشتباك القضائي بعد عودة المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لمزاولة تحقيقاته.
وحصل التراشق على جبهتي جلسات مجلس الوزراء وجلسات انتخاب رئيس الجمهورية. فبعد الكلام الذي نقله وفد نقابة الصحافة عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حول قول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل له بعد اللقاء الذي جمعهما غداة الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في منزل رجل الأعمال علاء الخواجة “ليس كل من يرسم شارة الصليب هو مسيحي”، في إشارة إلى عدم تمتع الوزراء المسيحيين الذين شاركوا في مجلس الوزراء بالتمثيل المسيحي الحقيقي، نفى المكتب الإعلامي لرئيس التيار “نفياً قاطعاً ما نسبه زوراً إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال في مسألة الوزراء المسيحيين وإشارة الصليب”، ولفت في بيان إلى “أن النائب باسيل لا يمكن أن يقول مرةً هكذا عبارة”، وأسف “لهذا الدرك الذي وصلت إليه الأمور في استثارة الغرائز الطائفية طلباً لشعبوية وتحصينًا لشخص في إزاء الأداء المخالف للدستور والميثاق”.
وردّ المكتب الإعلامي لميقاتي مستغرباً “نفي رئيس التيار، وأشار إلى “أن دولة الرئيس يجدّد التأكيد أن باسيل قال هذه العبارة، وأن مواقفه الإعلامية المتكررة التي تطعن بشرعية جلسات الحكومة، ومنها بيانه الأخير بالذات، رغم مشاركة 7 وزراء مسيحيين من أصل 12 وزيرا فيها، يثبت حقيقة نظرته التمييزية بين المسيحيين، فاقتضى التوضيح”.
بعد ذلك، أعلن التيار أنه “لن نجادل أكثر دولة الرئيس ميقاتي، كونه المعروف بصدقه ومصداقيته، وخاصةً انّه دأب مؤخراً على اعتماد وسيلة جديدة إثباتاً لهذا الصدق وذلك عبر تحريف لا بل تزوير ما يجري معه من أحاديث في لقاءات خاصة، شأنه في ذلك ما يقوم به مؤخراً في إصدار المراسيم المتلاعب بها”.
غير أن المكتب الإعلامي لميقاتي عاد وعلّق على هذا البيان قائلاً “يصرّ التيار بتوجيه من رئيسه على التغريد لقلب الوقائع ونفي ما هو حقيقة دامغة”. وأضاف “لحسم الجدل نكتفي بنشر ما كان قاله باسيل بتاريخ 6/12/2022 عندما سئل عن جلسات مجلس الوزراء وميثاقيتها حيث أجاب بالحرف “هل تصبح الحكومة اليوم ميثاقية بوجود سعادة الشامي ونجلا رياشي؟”.
تعطيل المجلس
أما على الخط الرئاسي، وفيما واصلَ بعض النواب التغييريين اعتصامهم في المجلس النيابي، فقد عبّر رئيس المجلس نبيه بري عن موقفه من الدعوة إلى عقد جلسات انتخابية مفتوحة، منتقداً رفض دعوته إلى الحوار وملمّحاً إلى نيته عقد جلسة تشريعية وهذا ما سيخلق إشكالية جديدة. ورأى بري “أن المطالبات بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن أنها لن تحقق شيئاً في أجواء عدم التوافق، فإن مثل هذه الجلسات الانتخابية المفتوحة معناه شل المجلس النيابي نهائياً، وهذا أمر ممنوع، ولا يمكن أن أقبل به. فالمجلس مع فتح تلك الجلسات يصبح هيئة ناخبة وفي هذه الحالة لا يعود في استطاعته التشريع، والنص الدستوري واضح لهذه الناحية انه عندما يتحول المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة، لا يعود في إمكانه ممارسة دوره التشريعي. فهذا ليس فقط تعطيل المجلس النيابي، بل هو تعطيل للبلد خصوصاً ان ثمة أموراً عديدة تتطلب إقرارها السريع في الهيئة العامة للمجلس النيابي، لا سيما منها مشروع الكابيتال كونترول، حيث سأبادر قريباً إلى توجيه دعوة إلى عقد جلسة تشريعية لدرسه وإقراره”.
جعجع
واللافت أن الرد على الرئيس بري جاء هذه المرة من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يتحاشى عادة الدخول في سجالات مع بري خلافاً لما هو الحال مع حزب الله، وقال جعجع “نسمع يومياً، تصريحات لرئيس مجلس النواب نبيه بري حول أنه دعا الجميع إلى الحوار ولكنهم لم يستجيبوا لهذه الدعوة في الوقت الذي يعرف الرئيس بري أن الحوار جار بين مختلف الأفرقاء والكتل النيابية منذ اللحظة الأولى لبدء المهلة الدستورية لإنتخاب رئيس للجمهورية. وهذه الحوارات تجري من الجميع باتجاه الجميع وبشكل مباشر أو غير مباشر ولم يكن آخرها وأبرزها الحوارات التي أجراها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط مرتين مع “حزب الله” ومرات عديدة مع الرئيس بري، ولم تصل كل تلك الحوارات إلى أي نتيجة. كما فات الرئيس بري أن هذه هي الطريقة التي يجري فيها الحوار في موضوع رئاسة الجمهورية”. وأضاف “أما في ما يتعلق بدعوة الرئيس بري إلى جلسات نيابية متتالية لانتخاب رئيس، خصوصاً بعد 31 تشرين الأول/أكتوبر، فقد كانت دعوات شكلية أكثر منها فعلية لأن الجلسات كان يجب أن تبقى مفتوحة ليقوم النواب بالتشاور في ما بينهم داخل البرلمان بين الدورة والأخرى حتى التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد كما يجري في كل دول العالم وآخرها في الولايات المتحدة الأمريكية. أما بالنسبة لمسألة أنه في حال ترك الجلسات مفتوحة فسيتحول المجلس إلى هيئة ناخبة ويفقد بذلك دوره التشريعي، أذكّر الرئيس بري أن هذا ما نص عليه الدستور في المادة 75 منه”.
وتابع جعجع “بالنسبة للتذرع بأن الجلسات المفتوحة ستؤدي إلى تعطيل عمل مجلس النواب وبالتالي البلد، فقد فات الرئيس بري أيضاً أنه لو طلب من نوابه عدم تعطيل النصاب، ولو بقيت الجلسة مفتوحة، فإنه سيتم انتخاب رئيس للجمهورية خلال أيام معدودة، وعندها ستصبح الطريق مفتوحة أمام المؤسسات الدستورية لمعاودة عملها، أما إذا ما استمرينا على هذا المنوال فسيطول أمد الفراغ الرئاسي وبالتالي ستبقى المؤسسات مشلولة لفترة أطول بكثير، مهما حاول البعض استنهاضها بين الحين والآخر”. وختم “أما لجهة قول الرئيس بري “المؤسف ان خلافات الرافضين للحوار وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، تنعكس على البلد كله”، فنذكِّره بأنه في الانتخابات الرئاسية السابقة كان على خلاف مع حليفه “حزب الله” ولم تتعطّل الانتخابات الرئاسية، ومن يعطِّل هذه الانتخابات هي الكتل التي تخرج من مجلس النواب ومن ضمنها كتلة “التنمية والتحرير”، فيما المطلوب بشكل واضح الالتزام بالآلية الدستورية والديموقراطية لناحية الدورات المفتوحة وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وفي ما يتعلق بـ”البحصة يلي ممكن تسند خابية” فهذه البحصة هي انتخابات رئاسة الجمهوريّة وليست أبداً مجلس النواب المشلول تشريعياً بحكم أنه تحوّل إلى هيئة ناخبة بحكم المادة 74 من الدستور، منذ ليل 31 تشرين الأول 2022″.
لقاءات جنبلاط
وعلى خط اللقاءات المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي، ذكرت “وكالة الأنباء المركزية” أن لقاء ثانياً جمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط برئيس التيار الوطني الحر في منزل ابنة جنبلاط داليا وذلك في إطار سياسة الانفتاح والتواصل التي يعتمدها الزعيم الدرزي ومن ضمنها لقاؤه الثاني ايضاً مع وفد من حزب الله. وأعقب هذه اللقاءات زيارة قام بها النائب وائل أبو فاعور إلى عين التينة حيث التقى الرئيس بري، لكنه لم يرً تقدماً يتم إحرازه. وأضاف في تصريح “سنبقى نحاول لن نستسلم، سيحاول وليد جنبلاط بكل الوسائل للوصول إلى تفاهمات حول مسألة الرئاسة التي تمثل بداية إعادة ترميم هيكل الدولة في لبنان”. وأوضح أن تلويح “اللقاء الديمقراطي” بتعليق مشاركته في جلسات الانتخاب “لا علاقة له أبداً بإسم المرشح ميشال معوض الذي يحظى باحترامنا، إنما هو موقف احتجاجي من العملية برمتها، بحيث بتنا ننزل مرة تلو المرة حتى وصلنا إلى سيناريو مهين لمجلس النواب وللنواب وللرأي العام وللمواطن اللبناني”.
وبموازاة تفاقم الأزمة السياسية والقضائية، واصل الدولار ارتفاعه الجنوني في السوق السوداء وبلغ عتبة 55 ألف ليرة ما انعكس ارتفاعاً في أسعار المشتقات النفطية والبنزين الذي قارب سعر صفيحتها المليون ليرة، وهو ما دفع بعض المواطنين إلى النزول إلى الشوارع وقطعها احتجاجاً سواء في طرابلس أو في قصقص أو في سليم سلام أو في الجناح.
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها