الحصانات السياسية تعرقل مسار التحقيقات .. آمال ضعيفة للتحقيقات الأوروبية في إدانة الفاسدين بلبنان
صحيفة العرب
Thursday, April 21, 2022
لا تبدو مهمة المحققين الأوروبيين الذين بدأوا الاثنين تحقيقاتهم بشأن الفساد والإثراء غير المشروع في لبنان سهلة، في ظل الحماية السياسية التي يحظى بها المتهمون. ولا يبني اللبنانيون آمالا على التحقيقات الأوروبية، كما التحقيقات الداخلية، في بلد دأب المذنبون فيه على تجنب المحاسبة والتستر خلف الحصانة السياسية.

بدأ المحققون الأوروبيون تحقيقاتهم في بيروت الاثنين حول الجرائم المالية المتصلة بتبييض الأموال واختلاس المال العام والتهرب الضريبي والتحويلات الخارجية بالدرجة الأولى، والمرتبطة بحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وشركاء له ومقرّبين منه، وسط آمال ضعيفة في زعزعة حكم سلامة الذي لا يزال مصرا على البقاء في منصبه ولم تضع الحكومة حدا لمهامه.

وتقول دوائر لبنانية إن سلامة يتمتع بحماية واسعة النطاق في لبنان، ما يجعل استبعاده من منصبه عملية معقدة أكبر من الاتهامات بالفساد، والتي تطول تقريبا أغلب السياسيين اللبنانيين.

ويقول كريم بيطار، الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، “إنّه الرجل الذي يعرف الكثير، والكثيرون يخشون أن يؤدي سقوطه إلى سقوطهم”، متهما كلا من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتوفير الحماية لسلامة.

وتشير دوائر سياسية إلى أن الوضع القائم حاليا مع شغور السلطة الإجرائية وعدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على تعيين حاكم مصرف لبنان، يفرض على الحكومة إيجاد حلّ لحاكم مصرف لبنان الذي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من يوليو القادم.

ويرفض برّي تسليم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان (الشيعي) حاكمية مصرف لبنان بالإنابة، كذلك الأمر بالنسبة لنائب الحاكم الدرزي. وتقول مصادر سياسية إن لا أحد يمكنه تحمّل مسؤولية دولار بمئة ألف ليرة إذا شغُر منصب الحاكم. وبالتالي تعمل القوى السياسية على مشروع قانون يُجدّد فيه لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة لولاية جديدة.

ويقول مراقبون إن الوفد الأوروبي جاء ليحقق بالمعطيات التي يمتلكها، ويدخل على الملف اللبناني حتى يحركه، أو يقتبس منه المعلومات التي من الممكن أن تفيده وتجعله يوجه ادعاءات أو اتهامات للأشخاص اللبنانيين الذين يشك بهم.

ويؤكد ما يشهده لبنان قضائيا أن بيروت غير قادرة على بلوغ العدالة منفردة، ولو استطاعت مثلا إصدار أحكام متقدمة في القضايا المصرفية والمالية لما حضرت هذه الوفود الأوروبية، وكانت استندت لتحقيقاتها للأحكام المثبتة بلبنان.

ويعتقد المراقبون بأن التحقيقات التي يجريها الوفد الأوروبي لن تصل إلى أي نتيجة تصب في صالح اللبنانيين الذين فقدوا مدخراتهم في المصارف، وإن هذه الإجراءات لن يتضرر منها المسؤولون السياسيون، لأنهم سيكونون قادرين على العرقلة، فيما الهدف الأساسي هو رصد العمليات المالية الحاصلة ومنع تأثيراتها السلبية على تلك الدول.

وفي إعلان مفاجئ صنفه محللون ضمن المناورة السياسية التي دأب السياسيون اللبنانيون على الاعتماد عليها عند الأزمات، قال قاض كبير الثلاثاء إن بيروت ستعين قريبا محققا جديدا في تحقيق فساد متعثر مع حاكم مصرف لبنان (محافظ البنك المركزي)، في خطوة قد تؤخر الرد على طلبات تعاون من محققين أوروبيين يجرون تحقيقهم الخاص.

وقال غسان عويدات، مدعي عام التمييز في لبنان، إن المحقق الجديد سيُعين في غضون الأيام المقبلة وسيُكلف بتوجيه اتهامات لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل إحالة القضية إلى قاضي تحقيق.

وأكد عويدات أن القاضي قد يطلب بعد ذلك تأجيل الرد على طلبات القضاة الأوروبيين للتعاون القضائي حتى تتم تحقيقات القاضي اللبناني.

ويخضع سلامة لتحقيقات في لبنان وخمس دول أخرى على الأقل بدعوى قيامه وشقيقه رجا باختلاس وغسيل أموال تزيد عن 300 مليون دولار في البنك المركزي. وينفي سلامة وشقيقه ارتكاب أي مخالفات.

وقال المحامي نزار صاغية من منظمة “المفكرة القانونية” غير الحكومية إن وجود محققين من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ في بيروت هذا الأسبوع ربما يزيد الضغط على القضاء اللبناني كي يحرز تقدما.

ويستجوب المحققون الأوروبيون مصرفيين من بنوك تجارية وموظفين من البنك المركزي وغيرهم لاستكمال تحقيق فساد عبر الحدود مع سلامة.

ولا يزال سلامة، الذي يشغل منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993، يتمتع بدعم قادة لبنانيين أقوياء. ويدين العديد من القضاة إلى حد كبير للسياسيين بفضل تعيينهم.

وقال أكبر قاض لبناني في نوفمبر إن التدخل السياسي في العمل القضائي أدى إلى وضع فوضوي يتطلب “ثورة في النهج” لحله.

واستقال العديد من كبار القضاة خلال العام الماضي بسبب الظروف المعيشية والإحباط من عرقلة قضايا مهمة، مثل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس 2020 وأسفر عن سقوط أكثر من 215 قتيلا.

وأنهى قاض لبناني الصيف الماضي تحقيقا أوليا استمر 18 شهرا في قضية سلامة، لكن التحقيق توقف عندما تنحى المدعي العام عن القضية واستُبعد لاحقا من القضية بعد شكوى من سلامة.

ويسلك لبنان مسار تحقيق جديد في قضايا فساد مرتبطة بالإثراء غير المشروع وبتهريب وتبييض أموال عبر المصارف أيضا، تمثل ذلك بوصول ثلاثة وفود قضائية من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، في مهمة محصورة باستجواب أشخاص، تم استجوابهم سابقا لدى القضاء اللبناني بصفة شهود، باستثناء شخص واحد سيتم استجوابه بصفة مشتبه فيه.

وتسبب هذا الأمر في سجال سياسي داخلي بين قوى ترى في مهمة الوفود الأوروبية تعديا على السيادة القضائية اللبنانية، وأخرى تجد فيها ترجمة لعجز القضاء اللبناني عن التحرر من السطوة السياسية.

Thursday, January 19, 2023 - إقرأ الخبر من مصدره

إضغط هنا للانضمام الى قناة صدى الارز على Youtube

ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها

Copyright © 2023 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top