الخلاف يحتدم بين القوات وحزب الله على مواصفات الرئيس المقبل
القدس العربي
Thursday, April 21, 2022
15 يوماً تتبقّى لمغادرة الرئيس اللبناني ميشال عون، قصرَ بعبدا في خطوة ينظر إليها خصوم العهد على أنها نافذة الانفراج والإنجاز الذي يضاهي إنجاز ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لأن هذا الخروج، ولو لم يتبعه انتخاب رئيس جديد وحلّ الفراغ الرئاسي، سيتيح استعادة التوازن الوطني وينزع من يد الرئيس عون وتياره قوة التوقيع والتحكّم بتأليف الحكومات وتكبير حصص التيار الوطني الحر على حساب باقي الأفرقاء السياسيين وخصوصاً المسيحيين، إضافة إلى تعزيز نفوذ حزب الله في السلطة.
وإذا كان من المستبعد أن يشهد الأسبوعان المتبقيان من ولاية عون اتفاقاً على انتخاب رئيس جديد رغم كل المحاولات بين الكتل النيابية، إلا أن وجهات النظر المتباعدة تحول دون هذا التوافق، ما يعزّز الاتجاه إلى محاولة أخيرة لتعويم حكومة تصريف الأعمال مع استبدال عدد من الوزراء، وبينهم وزراء مسيحيون يعتقد الرئيس عون وصهره أنهم باتوا أقرب إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منهم إلى بعبدا. وقد جاء كلام رئيس التيار جبران باسيل صريحاً في إشارته في ذكرى 13 تشرين/ أكتوبر إلى رفضه وزراء “مبندقين”، وقال: “الوزراء وخصوصاً في الفراغ يحملون مسؤولية سياسية في إدارة البلد ولا شيء يمنع أن يكونوا اختصاصيين، لا بل أحسن، إنما عندهم مسؤولية سياسية حسب الدستور…”.
وأضاف باسيل: “الأولوية طبعاً لانتخاب الرئيس الجديد، ولكن يجب أن تتشكل الحكومة لتكون بوليصة تأمين في حال الفراغ في الرئاسة والحكومة، الحقوق التي حصّلناها بالتعب وبالحق منذ سنة 2005، لن نتنازل عنها، الحكومة لن تتشكل خارج الدستور وخارج الشراكة، ولن نسمح بتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية وموقعه بعملية تشكيل الحكومة. مش حرزانة… الرئيس عون يقبل بآخر أسبوعين بالذي لم يقبل به على مدى ست سنوات!”.
وفيما تجاهل باسيل ذكر العملية العسكرية السورية ضد بعبدا وحلفائها، فهو اختار شنّ هجوم عنيف على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من دون تسميته بعد أنباء عن رفض القوات استقبال وفد من نواب التيار لشرح أولوياته الرئاسية، ووصف باسيل رئيس القوات بـ”الخائن”، ساخراً من عدم قدرته على الإتيان بأمين سر في المجلس النيابي فكيف برئيس للجمهورية.
وسعى باسيل لتبنّي موضوع الترسيم، وقال: “لا نصدق أننا نستطيع الانتصار على إسرائيل ونسحب من أنيابها الخط 23 وحقل قانا، ولا نستطيع أن ننتصر على “كم صعلوك فاسد” قيمته بدولاراته المسروقة من جيوب الناس”، لافتاً إلى أن “الوجوه التي تآمرت في 13 تشرين عسكرياً، لبست قناع المؤامرة الاقتصادية في 17 تشرين، والهدف واحد: إسقاط الشرعية وإسقاط بعبدا”، ورأى أنه “تم كشف المخططين بالخارج على لسان شينكر، الحقود الدائم على لبنان، وانكشف المنفذون بالداخل على يد حاكم لبنان (ويقصد رياض سلامة)، الذي قام بمؤامرة قطع الدولار من السوق في فترة 17 تشرين، وهرّب أموال المصارف وبعض النافذين؛ وغرّق السوق بالليرات وهرّب مقابلها الدولارات”. وتابع: “لن نقبل برئيس ليس لديه حيثية شعبية ونيابية أو ليس مدعوماً بكتلة نيابية وازنة شعبياً ومسيحياً بالتحديد ونرفض أي تعيين رئيس من الخارج”. وختم: “قدمنا التنازل الأكبر من أجل مصلحة البلد ولم نترشّح بعد على الرئاسة ولكن انتبهوا لا تجبرونا على تغيير رأينا”.
ولم يكن رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد بعيداً عن توجهات باسيل، فقال: “نريد رئيساً للجمهورية يحقق مصلحة البلاد ولديه “رِكَب”، ولا يأمره الأمريكي فيطيع، بل يطيع المصلحة الوطنية”، مشدداً على أن “هناك صفة يجب أن تكون في رئيس الجمهورية المقبل، ونحن معنيون بالتفكير بها ونضعها على الطاولة، وهي رئيس جمهورية يقر ويحترم ويعترف بدور المقاومة في حماية السيادة الوطنية”. لكنه أضاف: “هناك خوف من أن يحدث فراغ في موقع رئاسة الجمهورية، لذلك نطلب تشكيل حكومة كاملة المواصفات تستطيع أن تأخذ القرارات وأن تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية عندما يشغر موقع الرئاسة، وبذلك، نقفل ثغرة الخلاف حول إمكانية أن تتصرف حكومة تصريف الأعمال بصلاحيات رئيس الجمهورية، وهذا منطق عاقل ولا يهدف إلى تأجيل انتخاب الرئيس، وإنما يهدف احتياطياً إلى تلافي ثغرات قد نواجهها إذا شغر لسبب من الأسباب موقع الرئاسة”.
في المقابل، أعلن رئيس القوات سمير جعجع “عدم القبول برئيس جديد للجمهورية “شو ما كان وكيف ما كان”، وقال: “ما من أحد يريد رئيس تحدٍ بل جلّ ما نطلبه هو رئيس يمكنه البدء بعملية الانقاذ المطلوبة بعد أن وصل لبنان إلى هذه الحالة السيئة، وإذا كانوا يعتبرون أن هذا الرئيس هو “رئيس تحدٍ” فليكن عندها”. وتوقّف عند مطالبة الفريق الآخر برئيس توافقي، فاعتبر أنه “رئيس في أحسن الأحوال “ما بيعمل شي” أو رئيس يقوم بأمور تصب في مصلحته كما حصل في السنوات الست الماضية. من هذا المنطلق لن نقبل بـ”أي رئيس” لأن بذلك نرتكب جريمة كبيرة”. وأضاف في رد على حزب الله: “ينادون بضرورة “التوافق على رئيس” على غير عادة، في وقت يرفضون التوافق في أمور أخرى كالقرار الاستراتيجي وقرار السلم والحرب ويتفردون به. ويتحدثون عن رئيس من خارج الاصطفافات ما يعني أنهم يطالبون برئيس لا موقف له، وبالتالي انتخاب شخص لا يمكنه تدارك الوضع وإخراج البلد من أزمته”.
من ناحيته، ردّ النائب اللواء أشرف ريفي على عون وباسيل قائلاً عبر “تويتر”: “من يدّعي لادستورية حكومة تصريف الأعمال، ترأس في عام 1988 نصف حكومة عسكرية وملأ بها الفراغ الرئاسي”، ورأى أن “كل الضجيج المُثار هو من أجل التمسك بالكرسي، والآن فصلٌ جديد من المغامرات القاتلة، فالحريص على البلد ينتخب الرئيس، والحريص على الولد يحرق المدينة لإشعال عود ثقاب”. وختم: “لا فراغ في الحياة السياسية، فالدساتير كالطبيعة، لا تحب ولا تسمح بالفراغ”.