Share

لبنان يقفل «الجبهة البحرية» مع إسرائيل غداً و«نكسةٌ» بالترسيم مع سورية
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
لم يكن عابراً في بيروت أن يتم تلقائياً إسقاطُ حدَثيْن شغلا العالم، أمس، واحِدٌ فلكي شكّله الكسوف الجزئي للشمس في النصف الشمالي للكرة الأرضية، وآخَر تقني تَمَثَّلَ في «تقطُّع أوصال» القرية الكونية الافتراضية التي تجتمع خلف أسوار «واتساب»، على الواقع اللبناني الذي يلفه قوسُ أزماتٍ رمت به في قعرٍ سحيق يبحث عن «خيط ضوء» ولو من... ثقب إبرة.

كسوف رئاسي

وفيما كان اللبنانيون مثل شعوبِ عشرات البلدان، عيْناً على الكسوف الذي استمرّ لنحو ساعتين وتأثّرت «بلاد الأرز» بنسبة 35 في المئة منه وارتدت معه أشعة الشمس جزئياً وشاحاً من قمر، وعيْناً أخرى على العطل الذي طرأ على «واتساب» وبدا معه العالمُ الافتراضي «واقفاً على رِجل ونصف»، لم يتأخّر «الشبْكُ الرمزي» لهذين الحَدَثيْن بالمشهد السياسي الذي يعاني «كسوفاً كاملاً» لاستحقاق الانتخابات الرئاسية الذي يحتجبُ خلْف جدارٍ سميكٍ من التعقيدات الداخلية والاقليمية، فيما الاتصالاتُ لاستيلاد حكومةٍ ما قبل «عتمة الشغور» التي تحل في 1 نوفمبر ما زالت أقرب إلى «تَواصُل اجتماعي» ومصابةً بـ «عُطبِ» البحث عن «جنسِ المعاييرِ» لتشكيلةٍ تضيق مع كل ساعةٍ فرصة اقتناصها وإبعاد لبنان عن «مطبّ» سياسي - دستوري خطير.

حكومة الـ «ريموت كونترول»

وعشية «إبرامِ» اتفاقِ الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل في الناقورة غداً والذي سيتخذ شكل نقاط تفاهُم تم تكريس واشنطن «وصيّة» على متابعة تنفيذها وحسْم أي التباسات قد تطرأ في تفسيرها، لم تحمل زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال (المكلف تشكيل الحكومة الجديدة) نجيب ميقاتي لرئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، أي خرق على جبهة التأليف، بل على العكس أعطتْ إشاراتٍ إلى الصعوبات الكبرى التي ما زالت تعترض تقديم الرئيسين «الشريكين» في المسارِ الدستوري تنازلاتٍ في الأمتار الأخيرة إما تمنح عون «ريموت كونترول» على الحكومة العتيدة من دارته في الرابية (ينتقل إليها الأحد)، وإما تُطْلِق يد ميقاتي في إدارة مرحلة الفراغ متخفِّفاً من أثقال وزراء «كاملي الدسم» السياسي يريدهم الفريقُ الرئاسي «ودائع» غير مَخْفية.

زيارة وداعية و... وزراء ودائع

ورغم إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أن الاتصالات في الملف الحكومي مستمرة، فإن أكثر من معطى عَكَسَ خشيةً من أن تكون زيارةُ ميقاتي للقصر الجمهوري أمس «وداعيةً»، إلا إذا طرأت في الدقائق الأخيرة مفاجآتٌ «عكْس التيار السلبي» وتضع حداً للقراءات التي ترى أن غياب حكومة كاملة الصلاحيات قد «يقصّر عمر» الشغور ويسرّع في إيجاد «جسر تَوافُق» ولا سيما بعد ما يشبه «التقاط الأنفاس» النقدي، ولو العابِر، الذي قد «يشجّع» على «مغامرة الفراغيْن» والذي أتاحه تراجُع سعر صرف الدولار في السوق الموازية منذ الأحد بنحو 5 آلاف ليرة (إلى نحو 35500) من ضمن عملية «إعادة تدويرٍ» يقوم بها «المركزي» لكتلة هائلة من الليرة عبر ضخّ الدولار من خلال منصة «صيرفة» ووقف شرائه.

ميقاتي و«النوم» في القصر

فالرئيس ميقاتي الذي لم يُدْلِ بأي تصريح بعد زيارة عون، قال عندما سئل هل ما زال ينوي المبيت في قصر بعبدا حتى تشكيل الحكومة؟ «نقلوا كل شيء الى الرابية. ما في محل نام»، قبل أن يطلق عون مواقف اعتبرَها خصومه على طريقة «نفِّذ ثم اعترِض» معلناً «أن تطبيق معايير واحدة في تشكيل الحكومة، هو المدخل الصحيح لإنتاج حكومة فاعلة وقادرة على إدارة شؤون البلاد».

وقال عون في دردشة مع الإعلاميين المعتمدين في قصر بعبدا «إن ما يجري حالياً في تشكيل الحكومة يُناقِضُ مبدأ وحدة المعايير، فالجهات المُشارِكة في الحكومة تسمي هي وزراءها، وعندما يأتي دور«التيار الوطني الحر»(حزبه) في عملية التسمية، يصار إلى التمسك بالتدخل واختيارهم الوزراء وليس الجهة السياسية المعنية، وهذا أمر غير طبيعي ولا يمكن القبول به. فعندما يريد كل فريق أن يختار وزراءه، على الآخَرين أن يقبلوا باعتماد معيار واحد للجميع وعدم الاعتراض».

وعن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال الحالية إذا حصل شغور رئاسي، أوضح «أن الحكومة ستكون منتقصة الصلاحيات، وبالتالي لا يمكن أن تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة».

وقال: «ان حل الأمور بسيط جداً، وقد طلبنا من الرئيس ميقاتي اليوم أن يساوي الجميع في عملية التشكيل وأن يعود مساء إلى قصر بعبدا لإصدار المراسيم».

الأسد «قَطَعَ الحبل»

وتَقاسَم الشأنُ الحكومي أجندةَ الرئيس عون جنباً إلى جنب مع «النكسة» التي شكّلها قطْعُ النظام السوري «الحبْلَ» بالوفد الذي كان رئيس الجمهورية شكّله لزيارة دمشق لبدء التفاوض حول ملف الترسيم البحري وبتّ مسائل عالقة في نقطة التحديد بين المياه اللبنانية والسورية، علّ مثلث التفاهمات يكتمل مع «دول التماس» الثلاث مع المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان (يُنجز غداً مع اسرائيل وتُصحَّح إحداثيات الترسيم مع قبرص وفق الخط 23 في الساعات الـ 48 المقبلة).

وبدا أن عون «تَجَرَّع» الضربة الديبلوماسية السورية، وسط تسريباتٍ عن سوء تنسيقٍ وأن لبنان وفي ضوء الاتصال الذي كان جرى بين رئيس الجمهورية ونظيره السوري بشار الأسد حدّد موعداً «من جانبٍ واحد» ما ساهم في «حرْق الزيارة» وأفضى إلى إبلاغ دمشق في الدقائق الأخيرة بيروت أن «الوقت غير مُناسِب» كي يزورها الوفد اليوم.

حيثيات «البطاقة الحمراء»

وفي موازاة ذلك، زخر الشق السياسي لـ «البطاقة الحمراء» من دمشق بوجه الوفد اللبناني بمجموعة خلفيات أثارها خصومها في بيروت وبينها مماطلتها المزمنة في الترسيم البري قبل البحري، ناهيك عن أن هذا الملف سيوصل إلى بحث مسألة مزارع شبعا المحتلة التي تتلكأ دمشق عن توثيق لبنانيّتها في الأمم المتحدة، إضافة إلى رغبة نظام الأسد في «استدراج عروضٍ» لجرّ لبنان إلى تنسيق على أعلى المستويات، كان بارزاً أن ميقاتي تفاداه حين طُلب منه الدخول على خط ترتيب الزيارة والوفد وكأنه نأى بنفسه على طريقة «كل واحد يقلع شوكه بإيده».

وقد زار السفير السوري علي عبدالكريم علي الرئيس عون، أمس، مودعاً لمناسبة انتهاء مهامه الديبلوماسية، ومُنح وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر «تقديراً لجهوده في تعزيز العلاقات اللبنانية -السورية وتطويرها في المجالات كافة».

وحين سئل عن رفْض دمشق استقبال الوفد اللبناني للبحث في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وعن موعد انطلاق المباحثات الثنائية في هذا الخصوص، أجاب: «اتصل فخامة الرئيس عون بالرئيس السوري قبل أربعة أيام، واتُصل بي، ويومها كان هناك لبْس في الاتصال، وتبلغتُ لاحقاً من دولة الرئيس إلياس بوصعب أن هناك تفكيراً بزيارة وفدٍ يتشكل برئاسته لدمشق بعد اتصال الرئيسين. فقلتُ له أرسِلوا لنا كتابا لأخاطب فيه وزارة الخارجية، وأنا سأتصل وأبلغهم أنكم سترسلون هذا الكتاب.

وتبلغتُ بالكتاب، مساء الأحد، وذلك بشكل متأخر لأنه قيل بدايةً (ان الزيارة ستكون) يوم الخميس، ثم عُدل الموعد ليكون الأربعاء، فقلتُ لهم مع ذلك نريد أن يكون هناك خطاب رسمي كي يحدد الوزراء والمسؤولون في سورية المواعيد وفق برنامج ارتباطاتهم. وبعدما وصل الكتاب متأخراً ولم يكن قد تَحدد أو نوقش الموعد، أُعلن من لبنان أن الوفد سيتوجه الأربعاء، وبالتالي جاء الرد. والموعد لم يلغ إنما قيل إنه يُتفق عليه لاحقا، لأنه بعدما ضُرب الموعد يوم الأربعاء كان البرنامج في سورية ممتلئا والارتباطات مسبقة.

وحين سئل: هل هناك موعد آخر؟ أجاب: «نرجو ذلك». وهل سيكون في عهد الرئيس عون أو إلى ما بعده؟ أجاب: «سمعتُ كلام الرئيس وسأبلغ إذا كان الوقت متاحاً في الأيام المتبقية، ربما إن شاء الله، أو يكون في موعد لاحق».

وعن الكلام الذي ربط بين حل الأمور العالقة في ما يتعلق بمزارع شبعا وبين ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، أجاب: «من المؤكد يجب أن تلتقي القيادات والحكومات ويلتقي الوزراء المعنيون، وليس السفير هو مَن يجيب عن ذلك. وسورية دائما مرحّبة ومسهّلة وحريصة على التنسيق الذي يوصل إلى نتائج».

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top