فيلم جاكي شان في ريف دمشق.. صورة لسوريا يرسمها الأسد
Thursday, April 21, 2022
يستخدم النظام السوري منذ فترة، الإعلام والإنتاجات السنمائية، لتسويق صورة مغايرة للبلاد، بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية والإرهاب، وذلك بإتاحة الفرصة لمنتجي الأفلام والمؤثرين بالقدوم إلى سوريا ونقل الصورة التي يريدها للعالم.
في هذا الصدد، لفت مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الأربعاء، إلى أن النظام السوري، يحاول تسويق هذه الصورة، متجاهلا تبعات حربه على الشعب في عدة أماكن قريبة حتى من العاصمة دمشق حيث المقار الحكومية.
انتهت الحرب؟
المقال الذي كتبته ليلى الشامي، التي شاركت في إصدار مؤلف بعنوان "البلد المحترق: السوريون في الثورة والحرب" أشار إلى "لعب" النظام السوري بورقة الإنتاجات التلفزيونية لغرض تسويق صورة لسوريا مفادها أن الحرب انتهت وأن كل شيء على ما يرام.
وأعطت الكاتبة مثالا بفيلم "Home Operation" الذي تم إنتاجه ليروي الحرب اليمنية، لكنه في الواقع مصوّر في سوريا.
الكاتبة عبرت عن هذا الموقف بالقول: "لقد تم تصوير المشهد أمام المباني السكنية التي تعرضت للقصف والتي، بشكل محير، لم تكن تشبه اليمن إلى حد كبير" إلا أن نظام الأسد أراد فقط إتاحة التصوير هناك لغرض تسويق صورة مغايرة لسوريا.
وهذا قادها لتقول إن بشار الأسد "يحاول أن يرسم صورة لسوريا ما بعد الصراع، بل ويأمل أن يقبلها العالم".
المشهد الذي تحدثت عنه الشامي من الفيلم الذي أنتجه، جاكي شان، مستوحى من مهمة صينية لإجلاء رعايا صينيين وأجانب من اليمن في عام 2015.
بدأ تصوير أولى مشاهد الفيلم، الشهر الماضي في الحجر الأسود، إحدى ضواحي دمشق الجنوبية بسوريا.
وتبدو مدينة الحجر الأسود في الصورة، وكأنها خراب من صراع قديم، أعيد استخدامه كخلفية لبطولات نجوم السينما الصينيين، وفق الكاتبة.
يذكر أنه عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، كانت الحجر الأسود معقلا للمعارضة، قبل أن يسيطر تنظيم "داعش" عليها في عام 2015 ثم تستعيدها القوات الموالية للأسد عام 2018.
وقد أدى قصف النظام لها إلى تدميرها بالكامل تقريبا.
"نهب سنمائي"
ترى الكاتبة، أن تصوير فيلم صيني في منطقة دمرها الأسد هو نهب سينمائي يمكن أن يفيد الرجل الذي قصف نفس المكان قبل سنوات، متسائلة في السياق عمن يمكنه التصوير في ضواحي دمشق دون إذن النظام؟
في الواقع، لا يزال المعارضون للنظام السوري، يسيطرون على جزء كبير من شمال غرب البلاد، حيث يعيش العديد من النازحين داخليا في مخيمات، ويقصف النظام وحليفه الروسي المنطقة بانتظام.
كما لا يزال النظام يقاتل تمردا في درعا، المدينة الجنوبية حيث بدأت الانتفاضة المناهضة له في عام 2011.
وبينما الحياة في أماكن أخرى من الريف بعيدة عن أن تكون طبيعية، تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 300 ألف مدني قتلوا في سوريا منذ عام 2011.
أدت سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الأسد إلى نزوح الملايين من منازلهم، داخليا وإلى الخارج.
كما دمرت البنية التحتية والاقتصاد في البلاد، وتشير التقديرات إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 800٪ منذ عام 2011.
سوريا 2022.. "نظام مفلس"
تقول الشامي تعليقا على ذلك "هذه سوريا عام 2022" مؤكدة أن عملية التصوير "مجرد تكرار لحملة النظام لجعل العالم يرى البلد من منظور مختلف".
وبرأي المحلل السياسي السوري، أيمن عبد النور، فإن النظام السوري حاول جهده منذ سنوات لإعادة تغيير الصورة في أذهان سكان العالم عما اقترفه ضد شعبه طيلة عقد من الزمن لكنه لم يفلح.
وفي حديث لموقع الحرة أشار الرجل إلى أن "النظام السوري المفلس" على حد تعبيره، أصبح يستخدم أي شيء يسير في اتجاه إعادة سوريا لحظيرة الأمم.
وكشف أن نظام الأسد اتصل بستة مؤثرين من أوروبا ودعاهم للسفر إلى سوريا وتصوير مقاطع فيديو هناك، لأجل العودة بها إلى بلدانهم وإعطاء الصورة التي يريدها لأوروبا، حيث يعيش أغلب السوريين الذين هربوا من الحرب.
وقال: "النظام وجه الدعوة لستة من المؤثرين لتصوير مقاطع إيجابية عن سوريا، غرضها إقناع المغتربين ممن لديهعم استثمارات في أوروبا من العودة لبلادهم".
وشدد على أن غرض النظام يعود أساسا لحاجته لمستثمرين يدرون عليه أرباحا، وهو ما حاول فعله مع 5 كنائس كان دعها هي الأخرى لزيارة سوريا.
وقال: "طلب النظام من تلك الكنائس دعوة المجتمع الدولي لرفع العقوبات عنه".
مدونو الفيديو
مثال آخر استدلت به الشامي، وهو تصوير فيلم "كل هذا النصر" (All This Victory) للمخرج أحمد غصين، حول حرب حزب الله وإسرائيل في لبنان عام 2006.
وتم تصوير بعض المشاهد في الزبداني، مدينة في جنوب غرب سوريا كانت محاصرة من قبل حزب الله، الميليشيا الشيعية اللبنانية المتحالفة مع الأسد.
إلى ذلك، يحاول النظام السوري إصلاح صورته، وصورة البلاد أكثر بالاعتماد على مدوني الفيديو، والمؤثرين على المنصات الاجتماعية "لتصوير سوريا آمنة" تقول الشامي.
في هذا السياق، زار مدوِّن فيديو من اليابان، صيدنايا، وهي مدينة شمال دمشق، في عام 2019 وقام بجولة فيها لكنه "أغفل ذكر سجنها الشهير" وفق تعبير الشامي.
وسجن صيدنايا منشأة تابعة للنظام أطلقت عليها منظمة العفو الدولية اسم "المسلخ البشري" والذي لا يزال يعمل حتى الآن.
وفي يونيو، قال منشق مجهول الهوية وحفار قبور سابق لأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي إنه كان يتلقى جثث ضحايا التعذيب في صيدنايا مرتين في الأسبوع.
كما نشرت مدوِّنة فيديو من أيرلندا مقاطع لها وهي تتجول في سوريا، ونالت سيلا من الانتقادات وفق وسائل إلعلام محلية.
تشير اللقطات التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن المؤثرين المسموح لهم بدخول البلاد هم أولئك الذين يرددون بشكل ما يقال لهم من قبل المرشدين المعينين لهم، وفق الشامي.
هل نجح الأسد؟
قد تصل مقاطع الفيديو الخاصة بهم إلى آلاف الأشخاص، لذلك، تقول الشامي "ربما يكون هذا دليلا على أن محاولات الأسد لتحسين صورته في الخارج بدأت تؤتي ثمارها".
وللاستدلال على ذلك، لفتت الشامي إلى أن بعض الهيئات الدولية بدأت ترحب بعودة نظام الأسد إلى حظيرة الأمم.
ففي يونيو من العام الماضي، عينت منظمة الصحة العالمية، سوريا في مجلسها التنفيذي، على الرغم من أن النظام استهدف بشكل متكرر مرافق الرعاية الصحية.
كما قامت منظمة اليونسكو مؤخرا بدعوة سوريا لحضور قمة "تحويل التعليم"، على الرغم من حقيقة أن الأمم المتحدة نفسها قد وثقت ما يقرب من 700 هجوم على مرافق التعليم في سوريا في العقد الماضي.
وفي يونيو، دعا الإنتربول ممثلي النظام إلى مؤتمر حول الجهود الإقليمية لمكافحة تجارة المخدرات، بينما سوريا لديها "صناعة مخدرات" مزدهرة يديرها أصدقاء وأقارب الرئيس، وفق الشامي.
تعليقا على ذلك قالت الكاتبة "إذا كان الأمل هو أن إعادة المشاركة الثقافية أو الدبلوماسية ستجعل حكومة الأسد تغير سلوكها، فلا يوجد دليل حتى الآن على أن هذا هو الحال" ثم أكدت أن الضغط وحده هو القادر على فعل ذلك.
وختمت الشامي بالقول "يبدو أنه بدأ يُسمح للأسد مواصلة محاولته جعل العالم يعتقد أن الحرب في سوريا قد انتهت، وأن نظامه هو الشرعية".
لكن عبد النور يرى أن النظام السوري لن يفلح في جعل المجتمع الدولي يغير صورته بينما كشف أن المدونين قد ينجحوا نسبيا في إقناع بعض السورييين للعودة، ثم عاد ليقول "المجتمع الدولي ينظر لسوريا بعين مختلفة" في إشارة إلى أن مساعي الأسد لن تفلح بنفس القدر الذي نجح به المدونون.