شاركت المملكة المتحدة، أمس، بتأثر واضح في جنازة مهيبة للملكة إليزابيث الثانية «الفرحة» والمتفانية، بحضور مئات قادة دول العالم في مراسم ترقى إلى مستوى شعبيتها العالمية.
صباحاً، دخل نعش إليزابيث الثانية إلى كاتدرائية ويستمنستر بعدما نقل على أنغام مزامير القربى وقرع الطبول عزفها عناصر من البحرية الملكية من قصر ويستمنستر، حيث كان مسجى منذ خمسة أيام.
وحمل النعش الملفوف بالراية الملكية والذي يعلوه تاج الإمبراطورية ثمانية عناصر من الحرس الملكي ووضع على عربة مدفع في مسيرة إلى كاتدرائية ويستمنستر.
وصل النعش في مسيرة ومشى وراءه نجلها الملك تشارلز وأبناء الملكة الآخرون آن واندرو وادوارد ووريث العرش الأمير وليام والأمير هاري باللباس المدني، نظراً إلى انسحابه من نشاطات العائلة الملكية في 2020.
وانضمت إليهم داخل الكاتدرائية، قرينة الملك كاميلا وزوجة وليام أميرة ويلز كايت وميغان زوجة هاري.
وقد مشى الأمير جورج (تسع سنوات) والأميرة شارلوت (سبع سنوات)، طفلا الأمير وليام وراء نعش الملكة لدى دخوله الكاتدرائية.
وانتهت المراسم بدقيقتي صمت في كل أرجاء البلاد ومن ثم النشيد الوطني الجديد «غود سايف ذي كينغ» (ليحفظ الرب الملك).
وبعد حداد وطني امتد 10 أيام تخللته مراسم تكريم وطقوس تعود لمئات السنين، شارك ألفا مدعو في المراسم الدينية من بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن وامبراطور اليابان ناروهيتو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وضمت قائمة قادة الدول العربية، ممثل سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وسلطان عمان هيثم بن طارق، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ونائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، ورئيس مجلس السيادة في السودان عبدالفتاح البرهان.
كما مثل السعودية وزير الدولة الأمير تركي بن محمد، والمغرب، الأمير مولاي رشيد، شقيق الملك محمد السادس.
وحضر عدد من رؤساء وزارات الحكومات العربية، بينهم رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، والوزير الأول الجزائري أيمن بن عبدالرحمان، ورئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتيه، ورئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، ونائب رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا موسى الكوني.
ولم يسبق للندن أن جمعت هذا العدد الكبير من المسؤولين الأجانب منذ فترة طويلة. وحضر أيضاً ممثلون عن عائلات ملكية أوروبية، من بينهم ملك بلجيكا فيليبي وملك إسبانيا فيليبي السادس وأمير موناكو ألبير.
وقد دقت ساعة، كل دقيقة 96 مرة وهو عمر الملكة عند وفاتها قبل بدء المراسم في الكاتدرائية.
ويوم أمس، كان عطلة رسمية في المملكة المتحدة، والذي مثّل أكبر تحدٍ أمني لشرطة لندن في تاريخها.
وهذه أول جنازة رسمية وطنية تشهدها العاصمة البريطانية منذ تشييع ونستون تشرشل في العام 1965.
ومساء، نقل النعش في ختام المراسم الدينية في رحلة أخيرة إلى ويندسور التي تبعد 35 كيلومتراً غرب لندن.
ووضع النعش مجدداً على عربة مدفع تابعة للبحرية الملكية عبرت شوارع وسط لندن حتى قوس ويلنغتون حيث وضع في سيارة نقلته إلى قصر ويندسور.
وشارك في العملية أكثر من ستة آلاف عسكري.
وفي الختام، ووريت إليزابيث الثانية الثرى في مراسم عائلية في ضريح جورج الخامس المحاذي لكنيسة قصر ويندسور حيث عاشت في الأعوام الأخيرة.
وسترقد إلى جانب والديها وشقيقتها مارغريت وزوجها فيليب الذي توفي في أبريل 2021.
ومع دفن إليزابيث الثانية، تغيب شاهدة بارزة على أحداث القرن العشرين عاصرت خلال سني حكمها التي استمرت 70 عاماً تداعيات ما بعد الحرب العالمية الثانية، إضافة الى الحرب الباردة والتحول التكنولوجي المذهل في العالم.
من جانبه، وبعد زيارات منهكة في الأقاليم الأربعة التي تتشكل منها المملكة المتحدة، يكون تشارلز الثالث، قد بدأ عهده فعلاً. وقد أضفت خطواته الأولى التي اتسمت بالسعي إلى المحافظة على وحدة الصف وقبول الجميع، الطمأنينة مع وجود كاميلا الهادئ إلى جانبه.
وارتفعت شعبيته بشكل كبير وباتت عند مستوى 70 في المئة، على ما أظهر استطلاع لمعهد «يوغوف» فيما حصل وليام على 80 في المئة.
إلا أن التحديات الكثيرة لا تزال في بداياتها.
وتعود الحياة إلى طبيعتها في بريطانيا اليوم، ويتوقع أن تحتل أزمة غلاء المعيشة والإضرابات صدارة الصحف.
كبير أمناء البلاط كسر عصاه ليضعها على النعش
إليزابيث الثانية... في مثواها الأخير
ويندسور (المملكة المتحدة) - أ ف ب - ترقد إليزابيث الثانية في مثواها الأخير في مدفن كنيسة سانت جورج في قصر ويندسور، بعد وداع مهيب ومليء بالعواطف تكريماً لذكرى ملكة حظيت بشعبية عالمية.
وبعد مراسم أخيرة في ويندسور بمشاركة 800 شخص، ووريت الملكة مساء أمس، في مراسم عائلية مغلقة في المدافن الملكية.
قبيل ذلك كسر كبير أمناء البلاط عصاه ليضعها على النعش في خطوة رمزية للدلالة على انتهاء عهدها، لتغيب بعدها إليزابيث الثانية عن الأعين إلى الأبد، هي التي لطالما اعتلت الابتسامة وجها وتحلّت بالهدوء لتصبح أيقونة المملكة بعدما اعتلت العرش لمدة 70 عاما وسبعة أشهر ويومين.
واختتمت المراسم بعزف النشيد الوطني البريطاني. ولم يتبق للعائلة سوى فرصة أخيرة لوداع الملكة قبل مواراتها بجوار ذويها وشقيقتها مارغريت وزوجها الأمير فيليب الذي توفي في أبريل 2021 والذي استمر زواجها منه 73 عاماً.
وانتهت الرحلة الأخيرة للملكة التي توفيت في الثامن من سبتمبر عن 96 عاما في بالمورال، مقر إقامتها في اسكتلندا. وقد عبر نعشها أراضي المملكة بالسيارة وبطائرة تابعة لسلاح الجو الملكي وبعربة يجرّها بحارة وأيضا أحصنة خلال مسيرة راجلة طويلة.
في إدنبره ومن ثم لندن، انتظر مئات آلاف الأشخاص ساعات، وأحيانا طوال الليل، لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش الملكة وهي الوحيدة التي يعرفها غالبية البريطانيين إذا تحمل عملتهم صورتها وكذلك الطوابع، كما يعرفها العالم أجمع.
وانطوت صفحة من التاريخ برحيل إليزابيث الثانية التي اعتلت العرش لمدة 70 عاما وسبعة أشهر ويومين ولطالما حرصت على أداء واجباتها من دون الإدلاء بمواقفها علنية. وقد شغلت منصبها بجدية وحرص وبحس من الفكاهة، أحيانا لا يقاوم.
وعلى غرار الأيام الإثني عشر التي تلت رحيلها، طغت على اليوم الأخير العاطفة الشعبية التي امتزجت بأبهة التقاليد الملكية البريطانية، علما بأن الجنازة مخطط لها منذ عقدين.
وقال أسقف كانتربري جاستن ويلبي، الزعيم الروحي للكنيسة الأنغليكانية التي كانت الملكة على رأسها «في خطاب شهير ألقته عندما كانت تبلغ 21 عاما أعلنت صاحبة الجلال الراحلة أن حياتها مكرسة تماما لخدمة الأمة والكومنولث».
وتابعا «نادراً ما تم الوفاء بتعهّد على هذا النحو الجيد»، مشيدا بملكة «مرحة» و«حاضرة من أجل الجميع» و«لها تأثير على حياة كثر».
وانتهت المراسم على وقع نشيد الموت «لاست بوست» الذي يعزف لتكريم الجنود الذين سقطوا في المعارك، وبدقيقتي صمت في كل أرجاء البلاد ومن ثم النشيد الوطني الجديد «غود سايف ذي كينغ» (ليحفظ الرب الملك).