شربل نوح
من المتعارف عليه في كل المجتمعات الديمقراطية في العالم ان الاحزاب و المجموعات السياسية تقوم و تنشأ على اسس واضحة و احدى اهم هذه الاسس هو الترابط او التشابه الفكري بين المنضوين الى تلك المجموعات فكيف تنشأ الاحزاب و الحركات السياسية ؟
تلتقي اعداد معينة من البشر عللى قناعات متشابهة بين بعضها مما يدفعها لتأسيس حركات سياسية تكون الاطار الجامع لها لتدخل من خلاله الى الحياة السياسية و تمارس اللعبة الديمقراطية بهدف الوصول الى السلطة و ترجمة هذه الافكار لواقع ملموس فماذا يجري عندنا في لبنان هذه الايام ؟
بعكس اي منطق تاريخي او واقعي يعمد بعض الاشخاص المجهولين لنا نحن الجمهور لانشاء حركات سياسية تحت مسمى المجتمع المدني و ينضوي تحت لواء تلك الحركات اعداد من الناس لايجمعهم تقريبا الا الوصول الى السلطة (جمع الاضداد) ... بمعنى اخر عندنا فقط في لبنان ينشأ الاطار السياسي اولا و من بعدها نأتي بالمحازبين و اخيرأ" نضع ورقة سياسية تتضمن بعض الشعارات العامة التافهة التي لا تقارب ايا من المواضيع الخلافية و نطلق حركة نسميها تغييرية والا فما الذي يجمع الشيوعي بالليبيرالي او القومي بما نسميه احزاب يمينية ؟ و على ماذا يتفق هؤلاء ؟ بعدها نبدأ بتلميع صورتها و تسويقها في الاعلام و من هنا يأتي ارتيابنا منها و مما تضمر.
من المعروف ان تسويق اي شيء و خاصة المجموعات السياسية يتطلب الكثير من الاموال و الجهد في بلداننا و تسخر له امكانات هائلة و لن يسخر احد هذه القدر من الامكانات لحركات سياسية فارغة مشرذمة و سطحية من دون هدف محدد فما الهدف من اطلاق تلك المجموعات المشبوهة في هذا التوقيت الدقيق ؟
لا شك بان المعركة مع السياديين في لبنان اتخذت اشكالا و مسارات متعددة من القمع الى الاغتيال السياسي وصولا الى شرذمتها بالترغيب و الترهيب و ضربها من الداخل كما حصل مع قوى الرابع عشر من اذار في خاصة السنوات الاخيرة ... من هنا نفهم كيف انشأت تلك المجموعات او باغلبها كي لا نظلم احد و نفهم ما هو الهدف الحقيقي بعقل داعميها .
الهدف ببساطة خاصة بعد انتفاضة 17 تشرين كان خنق اي صوت سيادي داخل هذه الانتفاضة لمنعها من التحول الى ثورة ارز اخرى من هنا تم دس الكثير من قادة الرأي السابقين في 8 اذار و المعروفين بارتباطاتهم بين الثوار و الذين عملوا بداية على احتكار الانتفاضة و تنصيب انفسهم قادة لها من خلال طرحهم الشعارات المطلبية التي تدغدغ مشاعر اللبنانيين في الظرف السيء الحالي ... ثم عملوا على مهاجمة القوى السيادية لاخراجها من الانتفاضة تحت ذلك الشعار الجهنمي الشمولي الغوغائي "كلن يعني كلن" ... و اخيرا انشأوا مجموعات سياسية لا عمل لها سوى مهاجمة الاحزاب السيادية و محاولة الحاق الهزيمة بها في الانتخابات المقبلة ... الدليل على ذلك ان هذه الحركات لم تقدم حتى الان بديلا سياسيا واضحا عن الاحزاب السيادية و ما زالت كل عناوينها ضبابية و غامضة ...
ان اردنا ان نكون منصفين و كي لا نخدع انفسنا ... كل ما يجري لا يخرج عن سياق ضرب مفاعيل ثورة الارز ... فقط الوسيلة تغيرت ... نحن ما زلنا بنفس المعركة منذ ال 2005 مع تغير في الادوات و الشكل ... و كالعادة يتم استغلال البسطاء و المتسلقين و الوصوليين لجعلهم ادوات في هذه المشروع لذا على اللبنانيين التنبه في الانتخابات المقبلة و عدم الانجرار وراء الشعارات الغوغائية لان الثمن هذه المرة سيكون كبيرا" جدا" و ليس اقل من زوال لبنان الذي نعرفه ... انتخبوا السياديين اينما حلوا و مهما ارتكبوا من اخطاء و لا احد سواهم لان اي خيار اخر هو نحر لنا جميعا" و للحديث تتمة .