شاهدوا برامجنا

Share
لبنان
لبنان قدّم لهوكشتاين اقتراح «الخط 23» فهل «تسلّم» إسرائيل؟
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
سلّم لبنان، الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين جواباً شفوياً على المقترَح الذي سبق أن قدّمه خطياً في مارس الماضي لتسوية النزاع البحري بين بيروت وتل أبيب على منطقة بمساحة 860 كيلومتراً مربعاً فيها مكامن نفط وغاز محتمَلة ومؤكَّدة.

وبتأخُّر أكثر من 3 أشهر، وتحت ضغط «الأمر الواقع» الذي كرّستْه إسرائيل مع وصول سفينة الإنتاج «انرجين باور» إلى حقل كاريش الذي بدا وكأنه خرج عملياً «من المعادلة» التي حاول لبنان إرساءها عبر «مقايضة الحقول» خلف الخطوط وتحتها، لَمْلَم المسؤولون اللبنانيون تبايناتهم و«نوّموا» مزايداتهم وأبلغوا إلى هوكشتاين مقترحاً مضاداً يرتكز على الخط 23 (الموثّق لدى الأمم المتحدة) ولكن «موسّعاً» أي زائد القسم من حقل قانا الذي يقع جنوب هذا الخط (علماً أن ثلثا هذا الحقل المحتمل هما في البلوك 9 اللبناني والثلث الباقي تحت الخط 23).

وبـ «الخط 23 +» نحو 300 كيلومتر، الذي تقاطعتْ المعلومات عند أن الجواب اللبناني ارتكز عليه، تكون بيروت أولاً أسقطت المطالبة بالخط 29 الذي باغتت به الجانب الإسرائيلي قبل أكثر من عام ورفعت عبره سقف التفاوض من منطقة النزاع الواقعة بين الخطين 1 الإسرائيلي و23 اللبناني إلى رقعة إضافية بمساحة تناهز 1430 كيلومتراً مربعاً تشمل جزءاً من حقل كاريش الذي اعتبره لبنان على هذا الأساس متنازَعاً عليه في رسالة وجهّها إلى الأمم المتحدة، ولكن من دون أن يعطي هذا الخط مفعولاً قانونياً عبر تعديل مرسوم الحدود البحرية الرقم 6433 بل مُفْرِطَاً في كشف طابعه «المناوراتيّ» الذي اكتسب اسماً حركياً هو «خط التفاوُض».

وإذا كان الرئيس اللبناني ميشال عون الذي تولى إبلاغ هوكتشاين المقترح الجديد باسم لبنان، لم يسلّمه إياه خطياً في ما بدا رغبة من بيروت في عدم توثيق التخلي عن الخط 29 وإبقاء «خيط الرجعة» إليه قائماً بحال اقتضت المفاوضات المكوكية التي سيستكملها هوكشتاين مع تل أبيب ذلك، فإن أسئلة كبرى تُطرح حول مدى قابلية الطرح اللبناني الجديد للتحقق في ضوء أمرين:

* الأول ما سبق لهوكشتاين أن قاله في زيارته الأخيرة للبنان في فبراير الماضي إن أياً من الطرفين لن يكون قادراً على تحصيل 100 في المئة من مطالبه في منطقة الـ 860 كيلومتراً التي أكد في حينه أن التفاوض محصور فيها، ليقدّم بناء على ذلك مقترحه الذي ارتكز على خط متعرّج ينطلق من الـ 23 وينحرف شمالاً ليُلاقي الخط الذي سبق أن طرحه الوسيط السابق فريديريك هوف (ويحمل اسمه) ويقتطع جزءاً غير صغير من البلوك 8 اللبناني، وذلك بما يمنح بيروت بين 50 و80 كيلومتراً إضافياً على المساحة التي قَسم معها خط هوف الرقعةَ الواقعة بين الخطين 1 و23 بنسبة 55 في المئة لإسرائيل و45 في المئة لـ«بلاد الأرز».

* ان المقترَح اللبناني الذي هو أكثر بقليل من الخط 23 وأقلّ بكثير من الخط 29، يرجَّح أن يصطدم بطرْحٍ إسرائيلي مضادّ انطلاقاً من صعوبة تَصَوُّر أن تسلّم تل أبيب التي يُتوقع أن يزورها هوكشتاين في الأيام المقبلة ليسمع جوابها على عرض بيروت «كل أوراقها» في ما خص منطقة النزاع الأصلي وتخرج خالية الوفاض، ليصبح السؤال مجدداً هل سيجد لبنان نفسه أمام مقايضة صعبة في النهاية بين كامل حقل قانا وانتفاع إسرائيل من البلوك 8، عوض معادلة «قانا مقابل كاريش».

ولم يكن عابراً في رأي أوساط واسعة الاطلاع أنه في موازاة طلب لبنان من هوكشتاين استئناف المفاوضات التقنية غير المباشرة مع إسرائيل ووقف استخراج النفط والغاز من حقل كاريش إلى حين انتهاء المفاوضات، كانت تل أبيب تثبّت الوقائع الجديدة في ما خص هذا الحقل ودورها في مدّ أوروبا بالغاز في ضوء تداعيات الحرب في أوكرانيا على إمدادات الغاز الطبيعي إلى القارة العجوز.

وفي حين كانت التقارير تتحدث عن نحو شهرين أو 3 أشهر قبل أن يكون غاز كاريش جاهزاً لتصدير الغاز، ومن خلف تهديدات الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله لإسرائيل وانرجين باور بالانسحاب فوراً بانتظار انتهاء المفاوضات و«إلا لن نقف مكتوفين» وهو ما قابلته تل أبيب بتهديدٍ مضاد بـ «حرب مدمّرة» على لبنان، مضت إسرائيل في «المسار المرسوم» القائم على «الشبْك الغازيّ» مع أوروبا وفق ما عبّرت عنه زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين لتل أبيب التي توّجتها بلقاء رئيس الوزراء نفتالي بينيت الذي أعلن «من المؤسف أن القيادة اللبنانية منشغلة في خلافات داخلية وخارجية بدل استخراج الغاز لمصلحة مواطنيها».

وقد بحثت فون دير لايين مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار «شراء الغاز الطبيعي الإسرائيلي» شاكرة إياها «على العمل الجدي لبيع الغاز الطبيعي الإسرائيلي، إلى القارة الأوروبية التي تواجه أزمة طاقة حادة».

وفي انتظار الردّ الإسرائيلي على المقترح اللبناني، ترى الأوساط الواسعة الاطلاع أن مسرح العمليات الإقليمي لا يتيح الإفراط بالتفاؤل بإمكان إحداث خرق وشيك في ملف النزاع البحري مع إسرائيل، ولا سيما في ظلّ استعادة المفاوضات حول النووي الإيراني مسارها المتوتّر، وصولاً إلى الأبعاد فوق العادية التي تكتسبها جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة الشهر المقبل خصوصاً محطته في المملكة العربية السعودية في 15 و 16 يوليو والتي ستتخللها قمة مع قادة دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق.

وكان هوكشتاين بدأ زيارته لبيروت أول من أمس، بلقاء وزير الطاقة وليد فياض حيث بحث معه أيضاً في ملف استجرار الغاز من مصر والطاقة من الأردن عبر سورية وهو الملف العالق على صدور إعفاء أميركي رسميّ للقاهرة وعمان من موجبات قانون قيصر وإقرار البنك الدولي التمويل اللازم، وسط انطباع أن وضع هذا الملف على السكة بات متشابكاً مع أي انفراج في قضية ترسيم الحدود.

وبعدها التقى الوسيط الأميركي، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب قبل أن يقيم نائب رئيس البرلمان (المكلف من عون ملف الترسيم) الياس بوصعب عشاءً على شرفه أفادت تقارير بأنه شهد «نقاشات إيجابية ومثمرة باتجاه تأكيد الرغبة المتبادلة في تفعيل الوساطة الأميركية لإنجاز ملف الترسيم البحري».

وأمس، استهلّ هوكشتاين لقاءاته مع كبار المسؤولين بزيارة عون الذي شدد «على حقوق لبنان السيادية في المياه والثروات الطبيعية»، وقدّم بحسب بيان القصر الجمهوري للوسيط الأميركي رداً على المقترح الذي سبق أن قدمّه قبل أشهر «على ان ينقل هوكشتاين الموقف اللبناني إلى الجانب الإسرائيلي خلال الأيام القليلة المقبلة».

وتمنى الرئيس اللبناني على الوسيط الأميركي «العودة سريعاً إلى لبنان ومعه الجواب من الجانب الإسرائيلي».

وشكر هوكشتاين، عون على الجواب اللبناني، واعداً بعرضه على الجانب الإسرائيلي في إطار الوساطة التي يقوم بها في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وبعدها كانت للموفد الأميركي محطة في اليرزة حيث التقى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي أكد «موقف المؤسسة العسكرية الداعم لأي قرار تتّخذه السلطة السياسية، ومع أي خط تعتمده لما في ذلك من مصلحة للبنان».

وفي محطته الثالثة، زار هوكشتاين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وخلال الاجتماع تبلّغ الوسيط الأميركي الموقف اللبناني الموّحد من مسألة ترسيم الحدود والحرص على استمرار الوساطة الأميركية.

كما تم التأكيد ان مصلحة لبنان العليا تقتضي البدء بعملية التنقيب عن النفط من دون التخلي عن حق لبنان بثرواته كافة.

وكان اللقاء الأطول لهوكشتاين مع رئيس البرلمان نبيه بري الذي يُعتبر «عرّاب» الاتفاق الإطار الذي انطلقت على أساسه المفاوضات غير المباشرة برعاية أممية ووساطة أميركية في الناقورة في أكتوبر 2020 قبل أن يتم تعليقها في مايو 2021 وتتحوّل مع هوكشتاين الى مفاوضات مكوكية على خط بيروت - تل أبيب.

واعتبر برّي بعد اللقاء أنّ «اتفاق الإطار يبقى الأساس والآليّة الأصلح في التفاوض غير المباشر استناداً إلى النصوص الواردة فيه والتي تدعو لاستمرارية اللقاءات وصولاً إلى النتائج المرجوّة والتي تفضي إلى ترسيم الحدود من دون المساس بحقّ لبنان بالحفر ولا سيما في البلوك رقم 9».

أما هوكشتاين، فقال في ختام لقاءاته الصامتة مع المسؤولين اللبنانيين إن «الجانب اللبنانيّ قدّم بعض الأفكار التي تشكّل أساساً لمواصلة المفاوضات والتقدّم بها»، مشيراً إلى أنّه «فهم من القادة اللبنانيّين أنّ حلّ النزاع البحريّ يشكّل خطوة أساسيّة لحلّ أزمة البلاد الاقتصادية».

ولفت في حديث لقناة «الحرة» إلى أنّه «سيشارك الأفكار التي طرحها الجانب اللبنانيّ مع إسرائيل»، مضيفاً: «ما أن أحصل على ردّ سأبلغه إلى الحكومة اللبنانيّة. وقد جئت إلى بيروت للاستماع إلى وجهات نظر المسؤولين في الحكومة».

لقاء مستفيض مع السفيرة الفرنسية

ولم تمرّ زيارة الوسيط الأميركي من دون لقاء بارز ومستفيض مع السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو.

وفيما أعلنت السفارة الأميركية أن اللقاء خُصص «لمناقشة الجهود الأميركيّة والفرنسية لدعم لبنان»، أشارت غريو إلى إجراء «حوار مستفيض في شأن الحدود البحرية»، مؤكّدة أنّه «من المهمّ بالنسبة إلى مستقبل لبنان واستقرار المنطقة أن يتمّ التوصّل إلى حلّ ديبلوماسيّ لهذا النزاع، عبر التفاوض».

وكانت تقارير في بيروت ذكرت أن غريو زارت قبل أيام الضاحية الجنوبية لبيروت والتقت عدداً من مسؤولي «حزب الله»، بينهم مسؤول العلاقات الدولية عمار الموسوي.

ونقل موقع «لبنان 24» أن السفيرة الفرنسية أكدت خلال الاجتماع حرص الرئيس إيمانويل ماكرون على لبنان وإصراره على مساعدته في ظلّ الأزمات القائمة «وضرورة إتمام الإصلاحات الضرورية من قوانين وإجراءات كي يُنجز اتفاقه التام مع صندوق النقد الدولي».

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top