شاهدوا برامجنا

Share
لبنان
لبنان نجا من «بلاك اوت»... فهل انتهى كابوس العتمة؟
الراي الكويتية
Thursday, April 21, 2022
وبعدما كان لبنان يَنْعم بالكاد بساعتين أو 3 من «كهرباء الدولة» عبر «أنبوب الأوكسيجين» الأخير الذي تشكله المحروقاتُ التي يتم توريدها بموجب اتفاق التبادل المبرَم بين بيروت وبغداد، أطلّ مجدداً شَبَحُ العتمة الشاملة على خلفية عدم سداد مستحقات مشغّل معمليْ الزهراني ودير عمار بالـ Fresh Dollar ما جعل الأخير يحدّد الخامسة من عصر أمس موعد وقْف العمل بـ «الزهراني»، وهو المُنتْج الوحيد للطاقة بعدما كانت مؤسسة كهرباء لبنان أطفأت دير عمار لزوم «إدارة» المخزون الشحيح من الفيول بانتظار وصول شحنة جديدة من الغاز أويل بموجب الاتفاق مع العراق في 28 الجاري.

وبعدما «وَقَعَ الأسوأ» لبعض الوقت، ذكرت الشركة المشغلة للمعمليْن أنه «تم حل المشكلة جزئياً»، وسط تقارير عن أن «الزهراني» سيعود الى الخدمة بعد قيام مصرف لبنان بتحويل الأموال المستحقة الى وأن الجهاز الفني يعمل حالياً لتشغيله بعد توقيفه".

والأكثر فضائحية في هذا «الكابوس»، تَنَصُّل كل من وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان من مآل هذا الملف وتداعياته التي كادت ان تتدحرج لجهة «توقف التغذية جبراً عن كافة المرافق الحيوية الأساسية في البلد (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، المرافق الأساسية في الدولة)، ورمي كامل المسؤولية على مصرف لبنان لعدم سداده المستحقات رغم صدور قراريْن عن مجلس الوزراء في هذا الشأن في أبريل الماضي.

وعَكَس كلامُ وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض أن «الظلام المُطْبق» لم يرتسم فجأة، بل كان مساراً معلوماً، وهو أعلن بعيد البيان الذي «زفّت» فيه مؤسسة كهرباء لبنان «البُشرى السوداء» أنه «بعدما تابعتُ تحذيرات primesouth في السابق وطالبتُ المعنيين بالدفع، سأتمنى الآن على (المركزي) الدفع فوراً قبل الوقوع في العتمة الشاملة»، وسط أسئلة ارتسمت عما إذا كان ما جرى هو في إطار «عضّ أصابع» مع مصرف لبنان لتحصيل مستحقات الشركة عبر رمي البلاد برمّتها في «فوهة» العتمة الفتّاكة.

وفيما سارع المدير العام للطيران المدني فادي الحسن، إلى إعلان أنه سيتم تزويد مطار بيروت بالكهرباء البديلة «من المولدات التي تؤمن حالياً مستلزماتها من المازوت شركة (الميدل ايست)، وبالتالي سنصمد في مرحلة (البلاك اوت) حتى إشعار آخَر»، فإن ملف الكهرباء الذي يعتمل منذ فترة طويلة وشكّل «الثقبَ الأسود» في الانهيار المالي الكبير وصولاً إلى تحوُّل حقيبة الطاقة «أم العقد» الظاهرية في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، يشي وبمعزل عن قضية الشركة المشغّلة لمعمليْ دير عمار والزهراني بـ«تسونامي عتمة» كاملة في غضون شهرين موعد انتهاء عقد التبادل مع العراق.

وكان فياض زار بغداد أول من أمس، في محاولة لتفادي مثل هذا التطور الدراماتيكي وبحث مع المعنيين في إمكان تجديد العقد مع لبنان، وسط معلومات عن إيجابيات مبدئية من الجانب العراقي الذي أشارت تقارير في بيروت إلى أنه يطالب بضمانات تستطيع بموجبها الحكومة العراقية أن تقوم بإدارة المخاطر المالية التي تترتب على الاتفاقية، في حين تسعى بيروت للحصول على تسهيلات بتسديد ما يتوجّب عليها (نصف مليار دولار) تستحقّ ابتداء من سبتمر عن الشحنات السابقة، وزيادة الكميات المورّدة ودائماً ضمن صيغة التبادل «النفط مقابل الخدمات (وسلع)».

ومنذ سريان الاتفاق قبل نحو عام، وهو قضى بتوريد مليون طن من زيت الوقود الثقيل على دفعات شهرية (يستبدلها الجانب اللبناني بالمحروقات المناسبة لإنتاج الكهرباء)، باتت هذه المحروقات المصدر الوحيد لتوليد الطاقة في ظل عدم قدرة لبنان و «المركزي» على تمويل استيراد الفيول.

وتحاول بيروت «تنويع» مصادر الطاقة الموقتة بانتظار حلول دائمة تقوم على إنشاء معامل تؤمن كهرباء 24 على 24، وذلك عبر اتفاقات استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سورية، وهو الملف العالق عند حصول القاهرة وعمان على إعفاءات رسمية من واشنطن من موجبات قانون قيصر، وموافقة البنك الدولي على تمويل شراء الغاز والكهرباء وهو ما يتم ربْطه حتى الساعة بإصلاحات في الكهرباء ورفْع التعرفة.

وليست العتمة إلا واحدة مما تزخر به «صندوقة باندورا» اللبنانية، وسط استعادة الشارع «سخونته» على خلفية رفْع تعرفة الاتصالات الخلوية والانترنت واكتشاف اللبنانيين أنهم وقعوا ضحية «خديعة» من السلطات، التي عمدت إلى توسيع دائرة «الهيركات» الذي «التهم» القسم الأكبر من ودائعهم في المصارف لتطول أرصدتهم الدولارية في البطاقات المدفوعة مسبقاً، بعدما كان جرى تحويلها قبل أسابيع إلى الليرة وفق سعر دولار 1500 ليرة قبل أن يعاد تحويلها مع سريان التعرفة الجديدة في الأول من يوليو الجاري إلى الدولار ولكن بعد احتسابه على سعر منصة «صيرفة» (نحو 25400 ليرة).

وشكّل هذا العنوان «شرارة» احتجاجاتٍ يوم الثلاثاء لم تَخْلُ من إشكالات في بيروت ومناطق أخرى بدفْع من النواب التغييريين، فيما كانت العاصمة لم «تنجُ» بعد من كارثة انقطاع المياه، ووسط استفحال أزمة الخبز واشتداد حبْل التضخّم حول أعناق اللبنانيين والذي صار يستجرّ إضراباتٍ بعضها باهظ التكلفة على إيرادات الدولة المفلسة كما على القطاع الخاص، مثل الإضراب المفتوح والمستمر منذ أسابيع لموظفي القطاع العام، وصولاً لإعلان المراقبين الجويين في مطار رفيق الحريري الدولي التوقف عن العمل ليلاً بدءاً من أول أغسطس، الأمر الذي سيؤدي لإرباكات كبيرة في حركة الملاحة في عزّ موسم سياحي واعد.

وأكد المراقبون الجويون «عدم القدرة على تأمين استمرارية العمل ليلا (من الساعة الثامنة مساء ولغاية الساعة السادسة صباحا) ابتداء من الاول من أغسطس 2022 المقبل مع وجوب خفض عدد الرحلات نهارا بما يتوافق مع القدرة الاستيعابية للمراقبين الجويين وحجم الأجواء»، عازين هذا القرار إلى «النقص الحاد والمتزايد في عدد المراقبين الجويين المجازين، والحائزين على الكفايات الجوية للقيام بأعمال المراقبة الجوية، ما يحتم على المراقبين الجويين الحضور والعمل بما يقارب 300 ساعة عمل شهرياً لتأمين استمرارية العمل على مدار 24 ساعة دون توقف حتى في أيام الآحاد والأعياد (...) ما حرمهم حقهم بالاستفادة من إجازاتهم السنوية كبقية موظفي الدولة أو حتى من مضمون التعاميم الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء في شأن اعتماد مبدأ المداورة في العمل».

الحكومة العتيدة «رهينة»

ولم تقلّ قتامةً نتائج خلصتْ إليها دراسة أعدّتْها الدكتورة ليلى داغر، الأستاذة المساعدة في علم الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت والباحثة والمُحاضِرة في أكثر من جامعة أميركية، وارتكزت على مسح أُجري على 931 أسرة لبنانية.

وظهّر المسحُ، الذي نشرتْ نتائجَه وسائلُ إعلام لبنانية، ارتفاعاً هائلاً بمعدّلات الفقر، وأن 73 في المئة من اللبنانيين يرغبون بالمغادرة إلى بلد آخَر «من أجل عيش أفضل»، وأن 28.57 في المئة لا يشترون أدويتهم بناء على الوصفات الطبية، وأن نحو 57 في المئة لا يزالون يتقاضون رواتبَ بالليرة تراوح بين 1.5 مليون و5 ملايين (بين 50 دولاراً و170 دولاراً).

ولم تَبْدُ كل هذه «السلسلة المُرْعِبَة» كافيةً لدفْع المعنيين بالملف الحكومي إلى استعجالِ إنجازِ تأليف الحكومة الجديدة، التي باتت مُحاصَرَةً بـ «نيران اشتباكٍ» صار «بلا قفازات» بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون وتحديداً رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي كرّس معادلةَ «عون شريك دستوري في التأليف من ألفه الى يائه»، وأن «الكلمة له» في الحصة المسيحية في الحكومة.

وعَكَسَ كلام باسيل أن التشكيلة المعدَّلة عن حكومة الـ 24 الحالية التي قدّمها ميقاتي الى عون وانتزع فيها حقيبة الطاقة من التيار الحر وقام بمداورة جزئية في بعض الحقائب (ما خلا السيادية) لن تمرّ في قصر بعبدا الذي لن يرضى بالسقف الذي رسمه الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لجهة تعديل اسم او اثنين فيها، رافضاً طرْح عون بتوسيعها لتصبح حكومة ثلاثينية مطعّمة بستة وزراء سياسيين.

وبدا واضحاً أن الملف الحكومي أصبح رهينة معادلة «لن نسمح بكسر العهد في نهايته» التي يرفعها فريق عون مقابل «لن نعطي العهد في آخر أيامه ما لم يحصل عليه في الأعوام الستة الأخيرة» التي يهمسها خصومه من مختلف الاتجاهات، ما يشي بأن استيلاد الحكومة في المهلة القصيرة الفاصلة عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس (1 سبتمبر) يحتاج إلى معجزة، في حين تشتدّ الأزماتُ المعيشيةُ وتزداد «حقول الألغام» التي تزنّر الواقع اللبناني وليس أقلّها" صراع الحقول والآبار على تخوم ملف الترسيم البحري مع اسرائيل والذي ارتفعتْ حماوتُه مع مسيَّرات «حزب الله» فوق حقل كاريش والتي طيَّرت رسائل محلية وإقليمية

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top