تقارير و مقالات
داحس والغبراء بين القضاء والمصارف..!
نون - اللواء
الدمار في اوكرانيا
على طريقة «بين حانا ومانا»، حقوق المودعين أو بالأحرى ما تبقَّى منها، مهددة بالضياع الكلّي، في معركة تصفية الحسابات الكيدية بين فريق رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان، والذي وصلت إلى حد تلويح المصارف بإقفال أبوابها، وتوقيف عملياتها، بما فيها عدم دفع الرواتب الموطّنة، سواء لموظفي الدولة، أو العاملين في مؤسسات القطاع الخاص.
الصدام بين أساليب المصارف الإستكبارية، والمتعالية عن أوجاع الناس، والقضاء المسيّس والمسخّر لخدمة فريق في السلطة، يتم ليس على حساب المودعين وحسب، بل يطال البقية الباقية من سمعة النظام المصرفي، ويهدد بتوقف الحركة المالية والتجارية في البلد، لأن توقف المصارف عن العمل ولو لساعات أو أيام، يعني تجميد جميع المعاملات البنكية في الداخل، ومع المصارف المراسِلة في الخارج، مع كل ما يتسبب ذلك من تداعيات سلبية على مختلف القطاعات، وخاصة على الأمن الغذائي، حيث يستورد لبنان أكثر من ثمانين بالمئة من إستهلاكه للمواد الغذائية من الخارج.
قد يكون من مصلحة بعض المصارف المتعثرة التحجج بالملاحقات القضائية لتبرير إقفال أبوابها، تهرباً من الإلتزامات الشهرية تجاه المودعين، لا سيما وفق التعميم ١٦١ ، وحرمان المستفيدين من الدفعة النقدية بالدولار، ولكن مثل هذه الخطوة تضع القطاع المصرفي برمته على كف عفريت، وتُعيدنا بالذاكرة إلى الأخطاء الفادحة التي إرتكبها أصحاب المصارف غداة إندلاع إنتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩ في الإقفال العام للمصارف لثلاثة أسابيع، هزت ثقة الناس بالوضع المصرفي، وضاعفت من مخاوف فقدان السيولة ، الأمر الذي أدّى إلى الإقبال على سحب الأموال بكثافة غير مسبوقة، فضلاً عن إقدام كبار المودعين المتنفِّذين، وأصحاب الحظوات، على تحويل مئات الملايين من الدولارات إلى الخارج.
توقيف رجا سلامة شقيق حاكم المركزي لن يحل المشاكل والإشكالات بين المودعين والقطاع المصرفي، بل سيزيد الأمور تعقيداً، لأن البلد بحاجة لقانون يضع حداً لهذه الفوضى من جانب المصارف، ولهذا التفلّت في القضاء المسيّس، والذي يكاد يتحول إلى ما يشبه الحرب بين داحس والغبراء في العهد الجاهلي، الذي نعيش بعض مشاهده هذه الأيام في لبنان!
© 2022 https://sadalarz,com  All Rights Reserved.