لبنان
تجارة جديدة تنشط في لبنان.. من يستفيد من سوق "صيرفة" ولماذا؟
إكرام صعب - سكاي نيوز عربية
Thursday, April 21, 2022
يلجأ العديد من اللبنانيين إلى منصة "صيرفة " الرسمية التي أنشأها مصرف لبنان لكبح الإرتفاع الجنوني لسعر الدولار وتأمينه بسعر أقل من سعر السوق السوداء، ليتمكن التجار من الحصول عليه بسعر مدعوم لدفع ثمن مشترياتهم، وخاصة المستوردة من الخارج.

ويكسب الموظف الفارق من ثمن الدولار المدعوم عندما يعمد إلى بيعه في السوق السوداء، بفارق يترواح ما بين 6 و7 آلاف ليرة للدولار الواحد، فيحد قليلا من انهيار قيمة راتبه بتعويض معقول، وعرفت هذه التجارة الحديثة  بـ"تجارة صيرفة".

ما هي هذه التجارة؟

تشير مصادرمصرفية لموقع سكاي نيوز عربية إلى أن العملية تنفذ مرة واحدة في الشهر وبسقف مبلغ محدد لكل مواطن في القطاع العام، لأن راتبه محدود، أما كبار التجار فقد يتخطى ربحهم الصافي عدة آلاف من الدولارات، بحسب سقف المبالغ المالية التي بحوزتهم، والتي يمكنهم شراء الدولار المدعوم بها من منصة "صيرفة" الرسمية، وفق ما قاله تاجر أقمشة في بيروت  لموقع سكاي نيوز عربية.

وتؤكد المعطيات أن المصارف وضعت سقفاً لتحويل العملة اللبنانية مقابل 15 مليون ليرة، على أن يُقدم التاجر المستفيد طلباً في اليوم الأول وفي اليوم الثاني ليتقاضى الأموال بالدولار المدعوم، ويصل الربح إلى حوالي 70 دولاراً في كل عملية تحويل.

أما موظفو القطاع العام والأسلاك العسكرية، فبإمكانهم قبض رواتبهم من البنوك وفق سعر منصة "صيرفة" بالدولار المدعوم، ثم يقومون ببيع دولاراتهم في السوق السوداء ليربحوا الفرق، وقد يستدينوا بعض المبالغ لبلوغ السقف الأعلى المسموح به، وفي اليوم الثاني يعيدون المال لأصحابه، فيربحوا الفارق الذي قد يصل إلى ما بين 20 و40 دولاراً حسب المبلغ المودع في الحساب.

ويوضح سامر، وهو موظف في شركة الكترونيات، أنه عمد إلى استدانة 15 مليوناً من أحد أقاربه، وأعاد المبلغ في اليوم الثاني للشخص الذي قام بتحويله.

وقال سامر لموقع سكاي نيوز عربية إن التجار يشترون الدولار وفق منصة "صيرفة " ويبيعوننا الإلكترونيات وفق السوق السوداء الذي يواصل تحليقه.

ما هي منصة صيرفة؟

بسبب الأزمة التي تعيشها البلاد، أطلق مصرف لبنان في يونيو 2020 "منصة صيرفة " بهدف الحدّ من انهيار سعر صرف الليرة وتأمين الدولارات للتجار والمستوردين، للحدّ من ارتفاع أسعار السلع، وفقاً لسعر الصرف المعتمد في السوق السوداء.

وألزم الصيارفة باعتماد سعر الصرف المحدّد عبرالمنصة، وتسجيل العمليات بالدولار، في محاولة لوقف المضاربات التي تحدث بشكل متعمّد، والتي تعمل على تسريع انهيار الليرة.

ووفق الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف، سمير حمود، فإنّ التداعيات السلبية للمنصة، تكمن في أنّها " تفتح باب الاستنسابية" في اختيار المستفيدين منها، أي الأفراد يشترون الدولارات عبرها بأسعار صرف اقلّ من السوق السوداء من خلال المصارف.

أما إيجابيات صيرفة، وفق حمود تكمن في تخفيض الطلب على الدولار في السوق السوداء، حيث تلبّي نسبة كبيرة من طلب التجار على الدولار الأميركي.
كيف يستفيدون من الأزمة؟

يبرر الأشخاص الذين يمارسون التجارة الجديدة في "سوق صيرفة" أنهم يحاولون الإستفادة من الأزمة ومعظمهم من موظفي القطاع العام، ويقول أحد موظفي وزارة الاشغال العامة إنه يحاول تحقيق أرباح لم يحصل عليها من الدولة.

اللافت هذه المرة أن التجار يلعبون بالسوق على هواهم، من دون أي رادع، ويتحكمون الأسعار تحت مسمى"لعبة الدولار"، الكل يشتري الدولار وفق منصة" صيرفة " ويبيعه وفق السوق الموازية، وفق تحليلات خبراء الإقتصاد الإعلامية·

وقال محمد، وهو أحد سكان منطقة الطريق الجديدة، إن تجار الكهرباء، أي أصحاب المولدات الخاصة والاشتراكات، يشترون دولاراتهم عبر منصة صيرفة، ما يعني أن أحدا منهم لا يخسر، وفق رواياتهم المتكررة أمام زبائنهم الفقراء، وغالباً ما يهددونه بوضع ضريبة عن كل يوم تأخير·
وأضاف محمد لموقع سكاي نيوز عربية  انه يعمل في تخليص البضائع، إذ انه لا يجد عملا حاليا في هذه الفترة بسبب أوضاع المرفأ.

وأشار إلى أنه يتعرض لتهديد من صاحب مولد الكهرباء الخاص في المنطقة، برفع سعر فاتورة الكهرباء بحجة أن سعر المازوت ارتفع، رغم انه يشتري الدولارات التي يسدد بها ثمن المازوت عبر منصة "صيرفة" الرسمية المدعومة من مصرف لبنان، والتي شرعت سرقة التجار للناس أكثر، بدلاً من تخفيض الأسعار.

من المستفيد؟

وقال الباحث الإقتصادي، البروفيسور جاسم عجاقة، إن تجارة صيرفة ليست بأمر مُستجدّ، فهي بدأت مع بدء المنصة وزادت مع التعميم 161.

وأضاف لموقع سكاي نيوز عربية أن التجار والصيارفة هم المستفيدون الأوائل من التجارة على المنصة، حيث أنهم يوزعون الأرباح فيما بينهم.

وأوضح أن مصرف لبنان قد قام بطرح المنصة للتخفيف على المواطن عبر التخفيف من وزن السوق السوداء. لكن التجار والصيارفة استفادوا من ذلك وقاموا بشراء الدولارات على منصة صيرفة وبيعها على سعر السوق السوداء وزيادة عن ذلك بحجة حماية أنفسهم.

وعن المستفيدين الأخرين يقول عجاقة: "بالطبع هناك بعض المودعين ومن بينهم بعض موظفي الدولة الذين باتوا مضطرين إلى القيام بعمليات صيرفة لزيادة أي دخل للعيش، وهو ما دفع بعض المصارف إلى بدء رفض تطبيق التعميم 161، وهو دليل على انهم بدأوا يتضررون جراء ذلك، فيما يبقى الخاسر الأكبر هو مصرف لبنان".

وقال عجاقة إن الحلّ يبقى بقيام الحكومة بإصلاحات وعلى رأسها إقرار القوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وغيرها من القوانين الضرورية، بالإضافة إلى مُحاربة التهريب ومكافحة المضاربة والإحتكار ووضع حد لهذه المخالفات من خلال تطبيق القانون.

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top