Posted on Sunday, April 10, 2022 أعدّ التقرير و المقال : شربل نوح - صدى الارز
Thursday, April 21, 2022
هم القوم الذين أغوتهم الحرية منذ أكثر من ستة عشر قرناً فتبعوها و ساروا على دروبها و شربوا كؤوس خمرتها حتى الثمالة .
انهم موارنة الجبال الأشداء … المجتمع الذي فضل الحرية على لقمة العيش فحفر الصخر في جبال لبنان القاسية و جعلها مسكناً له في الأعالي كالنسور .
عندما نتكلم عن الموارنة تعجز المعاجم و الكتب عن إيجاد الكلمات المناسبة لوصفهم .
ننظر الى تاريخم فلا نسمع سوى حكايات البطولة و المقاومة و الصمود …
نعود الى ازمنة غابرة لتروى لنا قصصاً عن بطاركة قديسين ذبحوا واقفين صوناً لعقيدة و رفضاً لخضوع و إيماناً بحق في حياة حرة كريمة .
عن أي منهم سنخبركم … عن حجولا البطل أو دويهي الذاكرة أو حويك الكيان أو صفير الإستقلال .
نرجع الى أزمنة الغزوات و الفتواحات فلا نرى في قلب المشهد سوى شعباً واحداً ثائراً على الظلم رافضاً الخضوع لمحتل مفضلاً حياة الزهد و التوحد في الجبال الوعرة على الخضوع لغازٍ أو العيش في ذمة أحد .
هل نخبركم عن زمن المماليك و غطرستهم أم عن السلطنة و معاناتها مع شعب الجبال العنيد ؟؟ لم ينتصر أحد على الموارنة يوماً الا عند تفرقتهم و تقسيمهم أجزاءاً متناحرة … فعندما توحدوا بقيت جبالهم عاصية على كل مجرم و طامع .
بماذا نصف هذا المجتمع الذي أعطى البشرية كل شيء … من علماء و باحثين الى أهل فكر و قلم الى اقتصاديين و مصرفيين و وجال قانون و إعلاميين و فنانين مميزين ذاع صيتهم أينما حلوا .
ماذا نقول عن مجتمع حفظ لغة الآخرين في أديرته و أعاد نشرها !!! ماذا نقول عن إرسالياتهم و جامعاتهم و معاهدهم التي خرجت أجيالاً و أجيال من القادة و الفلاسفة على مر العصور .
أنخبركم عن قديسين و نساك سلكوا درب الإيمان الصعبة فعبروا نحو الله بتواضع الأطفال و شرف الأبطال .
ماذا سنقول عن أولئك المقاومين الأشداء ممن ماتوا واقفين على جبهات الشرف و التصدي لأهل الظلام و الجهل و الخراب .
هل نحكي عم الموارنة و لبننانهم الذي انشأوه فجعلوه وطناً ساحراً على صورتهم حلّ في أعلى مراتب الدول المتقدمة في زمنهم و بفضلهم فقط دون أي مقومات أخرى .
اضطهدوهم و قتلوهم و ذبحوهم و راتكبوا أبشع مجازر الإبادة بحقهم على مرّ التاريخ و الأيام …
حاولوا سلبهم لبنانهم … ذلك الإبن الجميل الذي أتوا به الى الأرض و يستمرون اليوم بمحاولة تدمير دولتهم العميقة فيه من خلال ضرب مدارسهم و مصارفهم و مستشفياتهم و غيرها … لكنهم تناسوا شيئاً واحداً و هو الأهم … أن كل ذلك خلقه الموارنة و يستطيعون إعادة خلقه من جديد عندما يحين الوقت …
تناسوا أن الموارنة عاشوا هنا ستة عشرة قرناً مرّ عليهم فيها كل شيء فتمرسوا على المقاومة و التجذر بالأرض و هم اليوم لن يشذوا عن القاعدة و سيحفظون ارض الآباء و الأجداد ليورثوها لأجيالهم الآتية .
لن نستطيع جمع ماضٍ ضخم في سطور قليلة … سنقول فقط ان إسم هؤلاء بكل فخر و شرف "موارنة" و الإسم وحده يكفي للأجابة عن شيء .